الأجواء
كانت رائعة في ذلك اليوم فضوء الشمس حجبته سحب كثيفة أفقدت السماء لونها
واظهرتها كفاتنة غاب موقد فتنتها فاتشحت بالسواد وكأن حزنها أسكنها حتى
تراقب تلك العاصفة الرعدية التي بدت كراقصة باليه فاتنة تتعانق مع رياح
صاخبة لتنسج لوحة رائعةً رقصاتُها أغصان أشجار تُداعب وموجُ بحرٍ يتلاطم
فيصنع الزبدَ الذي تتقاذفه نسائم تخلب الألباب
.يقف على الشاطئ يعبث ببصره في موجودات
المكان يبدو مرهقاً فلا يقوى على منع تسلل ابتسامة هزيلة إخترقت حيرته
وحزنه لتغزو قسمات وجهه وتوقد حماستَه حتى يقترب أكثر من رصيفِ الميناءِ
ويجلسُ على حافتِه مُدلياً قدميه في سعادةِ بالغةِ ، تاركاً لها التحاور مع
الأمواج رغم فضاضتها، لكنه يتجاهلها عندما يشعر بقطرة ماء تسقط على جبينه
محاولاً تلقفها بفمه قبل أن تتخطاه في تثاقل متجهة سريعاً للتلاشي ، يرفع
بصره إلى السماء يستجديها بنظراته المتوسلة قطرة أخرى .
.تظهر فرحته العارمة عندما تسقط هذه
القطرة -التي ظل ينتظرها - في فمه المترصد لها فتعلو ضحكاته ، وكأنه أغضب
الرياح فزمجرت غاضبة من ضحكاته الساخرة وأظهرت عنفوانها فكادت تسقطه في
الماء .[/size]
.يشعر أن المعركة غير متكافئة ينهض
سريعاً ويبتعد عن الحافة محاولاً الإحتماء منها ومن البرد الذي ظل يلاحقه
ويلسعة بسياطه التي لا ترحم . [/size]
.تسري بداخله قشعريرة مع سماعه لصوت الرعد يزمجر من بعيد فتتغير ملامحه وينتابه خوف من القادم .[/size]
.يلمح وميض خاطف في السماء يبدل حالته ويجعله يهرع سريعاً للاحتماء تحت تلك السقيفة البالية ويتابع في خوف توالي قطرات الماء .[/size]
.يظهر عليه الوجوم عندما لا يرى غيره في
هذا المكان ، يداخله كثير من الرعب وهو يرى الماء ينهمر كشلال متدفق قبل
أن تهوي السقيفة فيجد نفسه في العراء، يهرول سريعاً دون أن يلتفت عندما لا
يجد ما يحتمي به قبل أن تبطئ حركته حبات البرد التي تساقطت بعنف أدمى جبينه
.[/size]
.يشعر بالطمأنينة عندما يلوح له بيتها
من بعيد فيترىء له كواحة غناء وسط صحراء قاحلة فيبعث في دمائه صفائح الأمان
ويأخذ قدميه قسراً إلى حيث كان حتى يدلف سريعاً من تلك البوابة التي
لطالما إحتوته وحمته ويقف أمام الباب يقرعه كثيراً فلا مجيب ينادي بأعلى
صوته فيتردد صداه تختلط دموعه بدمه يعود أدراجه يسير تحت زخات المطر
تتقاذفه حبات البرد تغوص قدميه في الوحل ينتزعهما بصعوبة لكنه يسير في ذات
الطريق الذي لا يعرف غيره وهو يعلم يقيناً أنه يقوده إلى المجهول .[/size]
.لا يبالي بدموعه ودمائه التي إختلطت
بالمطر لترسم لوحة حزينة ملامحها ضاعت في زمن الجحود وهو يتذكر أن حبيبته
التي أحبها رحلت ولن تعود[/size]