السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب
والعلم في شهب الأرماح لامعةً بين الخميسين لا في السبعة الشهب
أين الرواية بل أين النجوم وما صاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذب
تخرصاً وأكاذيباً ملفقة ليست بنبعٍ إذا عدت ولا غرب
عجائباً زعموا الأيام مجفلةً عنهن في صفر الأصفار أو رجب
وخوفوا الناس من دهياء مظلمةٍ إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
وصيروا الأبراج العليا مرتبة ما كان منقلباً أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي غافلةٌ ما دار في فلكٍ وفي قطب
لو بنيت قط أمراً قبل موقعه لم تخف ما حل بالأوثان والصلب
فتح الفتوح تعالى أن يحيط به نظمٌ من الشعر أو نثرٌ من الخطب
فتح تفتح أبواب السماء له وتبرز الأرض في أثوابها القشب
يا يوم وقعة عمورية انصرفت عنك المنى حفلاً متسولة الحلب
أبقيت جد بني الإسلام في صعدٍ والمشركين ودار الشرك في صبب
أم لهم لو رجوا أن تفتدي جعلوا فداءها كل أمٍ برةٍ وأب
وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها كسرى وصدت صدوداً عن أبي كرب
بكرٌ فما اقترعتها كف حادثهٍ ولا ترقت إليها همة النوب
من عهد إسكندرٍ أو قبل ذلك قد شابت نواصي الليالي وهي لم تشب
حتى إذا مخض الله السنين لها مخض البخيلة كانت زبدة الحقب
أتتهم الكربة السوداء سادرةً منها وكان اسمها فراجة الكرب
جرى لها الفأل برحاً يوم أنقرةٍ إذ غودرت وحشة الساحات والرحب
لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخراب لها أعدى من الحرب
كم بين حيطانها من فارسٍ بطلٍ قاني الذوائب من آني دمٍ سرب
بسنة السيف، والحناء من دمه لا سنة الدين والإسلام مختضب
لقد تركت أمير المؤمنين بها للنار يوماً ذليل الصخر والخشب
غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى يشله وسطها صبحٌ من اللهب
حتى كأن جلابيب الدجى رغبت عن لونها وكأن الشمس لم تغب
ضوءٌ من النار والظلماء عاكفةٌ وظلمةٌ من دخانٍ في ضحىً شحب
فالشمس طالعة من ذا وقد أفلت والشمس واجةٌ من ذا ولم تجب
تصرح الدهر تصريح الغمام لها عن يوم هيجاء منها طاهرٍ جنب
لم تطلع الشمس فيه يوم ذاك على بانٍ بأهلٍ ولم تغرب على عزب
ما ربع مية معموراً يطيف به غيلان أبهى ربىً من ربعها الخرب
ولا الخدود وقد أدمين من خجلٍ أشهى إلى ناظري من خدها الترب
سماجةٌ غنيت منا العيون بها عن كل حسنٍ بدا أو منظرٍ عجب
وحسن منقلبٍ تبدو عواقبه جاءت بشاشته من سوء منقلب
لو يعلم الكفر كم من أعصرٍ كمنت له العواقب بين السمر والقضب
تدبير معتصمٍ بالله منتقمٍ* لله مرتقبٍ في الله مرتغب
ومطعم النصر لم تكهم أسنته يوماً ولا حجبت عن روح محتجب
لم يغز قوماً ولم ينهد إلى بلدٍ إلا تقدمه جيشٌ من الرعب
لو لم يقد جحفلاً يوم الوغى لغدا من نفسه وحدها في جحفلٍ لجب
رمى بك الله برجيها فهدمها ولو رمى بك غير الله لم يصب
من بعد ما أشبوها واثقين بها واللهم مفتاح باب المعقل الأشب
وقال ذو أمرهم: لا مرتعٌ صددٌ للسارحين وليس الورد من كثب
أمانياً سلبتهم نجح هاجسها ظبي السيوف وأطراف القنا السلب
إن الحمامين من بيضٍ ومن سمرٍ دلوا الحياتين من ماءٍ ومن عشب
لبيت صوتاً زبطرياً هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرد العرب
عداك حر الثغور المستضامة عن برد الثغور وعن سلسالها الحصيب
أجبته معلناً بالسيف منصلتاً ولو أجبت بغير السيف لم تجب
حتى تركت عمود الشرك منقعراً ولم تعرج على الأوتاد والطنب
لما رأى الحرب رأي العين توفلسٌ والحرب مشتقة المعنى من الحرب
غدا يصرف بالأموال جريتها فعزه البحر ذو التيار واللجب
هيهات زعزعت الأرض الوقور به عن غزو محتسبٍ لا غزو متكسب
لم ينفق الذهب المربي بكثرته على الحصى و به فقرٌ إلى الذهب
إن الأسود، أسود الغاب همتها يوم الكريهة في المسلوب لا السلب
ولى وقد ألجم الخطي منطقه بسكتةٍ تحتها الأحشاء في صخب
أحذى قرابينه صرف الردى ومضى يحثث أنجى مطاياه من الهرب
موكلاً بيفاع الأرض يشرفه من خفة الخوف لا من خفة الطرب
إن يعد من حرها عدو الظليم فقد أوسعت جاحمها من كثرة الحطب
تسعون ألفاً كآساد الشرى نضجت جلودهم قبل نضج التين والعنب
يا رب حوباء لما اجتث دابرهم طابت ولو ضمخت بالمسك لم تطب
ومغضبٍ رجعت بيض السيوف به حي الرضا من رداهم ميت الغضب
والحرب قائمةٌ في مأزقٍ لججٍ تجثو الكماة به صغراً على الركب
كم نيل تحت سناها من سنا قمرٍ وتحت عارضها من عارضٍ شنب
كم كان في قطع أسباب الرقاب بها إلى المخدرة العذراء من سبب
كم أحرزت قضب الهندي مصلتةً تهتز من قضبٍ تهتز في كثب
بيضٌ إذا انتضيت من حجبها رجعت أحق بالبيض أتراباً من الحجب
خليفة الله جازى الله سعيك عن جرثومة الدين والإسلام والحسب
بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها تنال إلا على جسرٍ من التعب
إن كان بين صروف الدهر من رحمٍ موصولةٍ أو ذمامٍ غير منقضب
فبين أيامك اللاتي نصرت بها وبين أيام بدرٍ أقرب النسب
أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهم صفر الوجوه وجلت أوجه العرب