لا تستسلموا للإخفاق ...
نحن في هذا الكون نمضي في إطار سنن ربانية ثابتة , وإذا كان علينا أن نتعرف عليها , فإن ذلك ليس من أجل التحايل عليها , وإنما من أجل
التكيف معها والعمل في ظلالها , ومن تلك السنن أننا لا نستطيع أن نضمن نتائج محاولاتنا واجتهاداتنا على نحو دائم , وكلما كان ما نسعى إلى
الحصول عليه كبيراً كانت حساباتنا أقل دقة , وكان حجم المخاطرة أكبر .
شيء جيد أن تفهموا هذه الحقيقية وأن تتعاملوا معها كما هي .
وأنا ألمس في بعض تعاليم الإسلام ما يدعونا إلى أن تكون مطالبنا كبيرة , وألا نرضى بالقليل , وأن يكون لدينا نوع من المخاطر المحسوبة ؛ لأن
الذين لا يخاطرون قد لا يربحون , وإذا ربحوا , فإن، أرباحهم تكون قليلة , ونلمح هذا في إحلال الله - تعالى – للتجارة وتحريمه للربا ,
فالتجارة تشتمل على نوع من المخاطرة , لكن أفق الربح فيها واسع وغير محدود . أما الربا فإنه يخلو في العادة من المخاطرة , لكن هامش الربح دائماً
محدود وقليل نسبياً . إذا كان الإخفاق وعدم الحصول على المراد وحدوث الكبوة بعد الكبوة شيئاً متوقعاً , فكيف ينبغي أن يتعامل أبناؤنا وبناتنا مع
ذلك ؟
لعلي ألخص الجواب في المفردات التالية :
1- نظروا إلى الإخفاق على أنه شيء طبيعي في الحياة , ولهذا فإن من المهم أن تكافحوا في حياتكم وفق القاعدة التالية : لا مكاسب كبيرة , ولا
نجاحات عظيمة إلا عبر الكثير من المحاولات ؛ وتذكروا أيها الأعزاء والعزيزات أنكم حين تخفقون تكونون في مسعى إلى تحقيق شيء قيم , والذين لا
يذوقون طعم الإخفاق هم الكسالى
لا قاعدون والمحرومون من الطموحات الكبيرة .
2- ع لينا أن نعود أنفسنا الرضا بالقضاء والقدر , فحكم الله – تعالى – نافذ , ولا معقب عليه , ونحن البشر قصيروا النظر محدودو
الرؤية , فقدنتعلق بالشيء , وننظر إليه على أنه مصيري , ثم يتبين لنا أنه يشكل خطورة كبيرة ,
, يتبين أنه شيء تافه , وتذكروا يا بناتي وأبنائي قول الله – عز وجل- : ( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن
تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )
علينا أن نأخذ بالأسباب , ونفعل أفضل ما يمكن فعله , ثم نتقبل نتائجه بروح صافية ونفس هادئة وراضية .
3 - من المهم أن تعرفوا أننا لا نستطيع في معظم الأحيان أن نتحكم بالأحداث ؛ لأنها أكبر منا , ولكننا نستطيع أن نتحكم في ردود أفعالنا عليها ,
وهذا شيء يستحق الانتباه ؛ لأن الذي يؤثر علينا ليس ما يحدث , وإنما الآثار التي يتركها في نفوسنا , مثل الذي يفقد مبلغاً كبيرة من المال , أو
يفقد مبلغاً كبيراً من المال , أو يفقد عزيزاً , أو يرسب في امتحان , فإن هذا قد يكون تأثيره مدمراً إذا أورثنا اليأس والقنوط أو غير اتجاهنا في
الحياة ... إن مياه البحر تحمل السفينة , ولا تؤذيها , لكنها إذا تسربت إلى داخلها , فإنها حينئذ تغرقها , وهكذا الأحداث التي تحدث لنا .
4-حاولوا بعد كل فشل وبعد كل سقوط أن تنهضوا بشكل أقوى لتثبتوا لأنفسكم وللناس من حولكم أن الإخفاق يشكل وقوداً روحياً لتوثب جديد .
5- تعلموا من الإخفاق ومن تاريخكم الشخصي أعظم الدروس , وتعرفوا على الطرق المسدودة كي تصلوا في النهاية إلى الطرق السريعة , فتمضوا
فيها واثقين مطمئنين .