القرآن الكريم والنبي الأمي الأمين ( صلى الله عليه وسلم)*
محمد فتحي محمد فوزي
قال تعالى فى محكم آياته:
{ إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا }(الإسراء9)
وصدق عتبة بن ربيعة( أبو الوليد) حين قال:" واللهِ لقد سمعت قولا ما سمعت مثله قط، والله ماهو بالشعر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعونى واجعلوها لى، خلّوا بين هذا الرجل ــ محمد صلى الله عليه وسلم ـــ وبين ماهو فيه، واعتزلوه، فوالله ليكونن لفعله الذى سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب، فملكه ملككم ،وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به".
وأحسن الوليد بن المغيرة بقوله:" والله لقد سمعت منه ــ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـــ كلاما ماهو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق ، وإنه يعلوا ولا يُعلى عليه، وما بقول بشر".
يقول الدكتور الفرنسي (موريس) فى وصف القرآن:
" إنه بمثابة ندوة علمية للعلماء، ومعجم لغة للغويين، ومعلم نحـــو لمن أراد تقويم لسانه، وكتاب عروض لمحبى الشعر وتهذيب العواطف ، ودائرة معارف للشرائع والقوانين، وكل كتاب سماوى جاء قبله لا يساوى أدنى سورة من سوره فى حسن المعانى وانسجام الألفاظ، ومن أجل ذلك نرى رجال الطبقة الراقية فى الأمة الإسلامية يزدادون تمسكا بهذا الكتاب واقتباسا لآياته ، يزينون به كلامهم ،ويبنون عليه آراءهم، كلما ازدادوا رفعة فى القدر ونباهة فى الفكر".
وقال القس لوزاون": ليس فى الاكتشافات العلمية الحديثة ولا فى المسائل التى انتهى حلها والتى تحت الحل ،ما يغير الحقائق الإسلامية الوضاءة والسهلة المأخذ ؛ولهذا فإن التوفيق الذى نبذل كل جهدنامعاشر المسيحيين هو سابق موجود فى الديانة الإسلامية:ــ يعنى ما هو ثابت فى القرآن من براهين".
ويضيف المؤرخ الإنجليزي الشهير( ولزان):" إن الديانة الحقة التى وجدتها تسير مع المدنية أنّى سارت ،هى الديانة الإسلامية ،وإذا أراد الإنسان أن يعرف شيئا من هذا؛ فليقرا القرآن وما فيه من نظريات علمية، وقوانين، وأنظمة ؛لربط المجتمع؛ فهو كتاب علمى، إجتماعى، تهذيبى خُلُقى، تاريخى... أكثر أنظمته وقوانينه تستعمل فى وقتنا الحالى وستبقى مستعملة حتى قيام الساعة".
فقد نظم العلاقة بين الإنسان والخالق، وبين الإنسان والإنسان , وبين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان والطبيعة، والذى أنزل القرآن هو الخالق.. والخالق هو أدرى بمخلوقاته ؛ولذلك مابرح القرآن الكريم صالحا لكل زمان ومكان، وعليه يكون القرآن مُنزّلا وليس مخلوقا؛ لآن الخلق له مدة صلاحية محدودة وينتهى، أما التنزيل فهو الذى يظل باقيا ببقاء البشرية وإلى أن يرث الارض ومن عليها.
وقد نزل القرآن الكريم على النبى الأمى الأمين،رسول الله وخاتم النبيين ،محمد صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه، والأمية فى رسول الله هى مبلغ إعجازه قال تعالى :
{ لقد من على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين }(آل عمران37)، ولكون المعجزة تأتى من جنس القوم التى جاءت الرسالة لهم ،وأن العرب اشتهروا بالبلاغة والفصاحة، وإذا جاء القرآن على يد ممن اشتهر بالبلاغة ونظم الشعر فلن يصدقوه وسيتهموه بتأليفه .أما إذا أُنزل على رجل أمى( صلى الله عليه وسلم) لا يقرأ ولا يكتب، والقرآن بوصفه كما زكرت آنفا؛ فهو الإعجاز بعينه، لأن هذا الكلام البالغ الدقة والبيان لا يستطيع تأليفه رجل أمى ،ويستحيل على محمد( صلى الله عليه وسلم) ـ تأليفه؛ ومن ثم فهو من السماء ، من عند الله ومن هنا جاء إعجاز القرآن:
{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد }(غافر51).
{ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون }(آل عمران 75). أو الذين قالوا:
{ لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة }(البقرة55) ، أو
{ يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا }(المائدة64).
وأختم قولى بأحسن القول كلام الله تبارك وتعالى :
{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }(النور 63).