كتاب الصيام :
1 - يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[1] دلت هذه الآية الكريمة على أن الصيام عبادة قديمة فرضت على من قبلنا كما فرضت علينا ولكن هل هم متقيدون بالصيام في رمضان أم في غيره ؟ هذا لا أعلم له نصاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .(15 / 7)
2 - لا أعلم شيئاً معيناً لاستقبال رمضان سوى أن يستقبله المسلم بالفرح والسرور والاغتباط وشكر الله أن بلغه رمضان، ووفقه فجعله من الأحياء الذين يتنافسون في صالح العمل، فإن بلوغ رمضان نعمة عظيمة من الله . ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان مبيناً فضائله وما أعد الله فيه للصائمين والقائمين من الثواب العظيم، ويشرع للمسلم استقبال هذا الشهر الكريم بالتوبة النصوح والاستعداد لصيامه وقيامه بنية صالحة وعزيمة صادقة . (15 / 9)
3 - يثبت هلال رمضان بالرؤية عند جميع أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "[2] وفي اللفظ الآخر: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين "[3]. وفي اللفظ الآخر: " فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً "[4] والمقصود أنه يصام بالرؤية ويفطر بالرؤية، فإن لم ير وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً ثم يصومون، ويجب إكمال رمضان ثلاثين ثم يفطرون، إذا لم تحصل الرؤية، أما إذا ثبتت الرؤية فالحمد لله . (15 / 60)
4 - الهلال يثبت بشاهد واحد في دخول رمضان، شاهد عدل عند جمهور أهل العلم؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام "[5]، ولما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أعرابياً شهد عنده بأنه رأى الهلال، فقال صلى الله عليه وسلم: " أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله " قال: نعم، فأمر بالصيام[6] . فالهلال إذا رآه عدل في الدخول وجب الصيام به، أما الخروج فلابد من شاهدين عدلين، وهكذا بقية الشهور لا تثبت إلا بشهادة عدلين؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا "[7] وثبت عن الحارث بن حاطب رضي الله عنه أنه قال: " عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما"[8] . والمقصود أن شهادة العدلين لابد منها في الخروج وفي جميع الشهور، أما رمضان في الدخول فيكتفى فيه بشهادة واحد عدل للحديثين السابقين . واختلف العلماء في المرأة هل تقبل شهادتها في الدخول كالرجل ؟ على قولين: منهم من قبلها كما تقبل روايتها في الحديث الشريف إذا كانت ثقة . ومنهم من لم يقبلها، والأرجح عدم قبولها في هذا الباب؛ لأن هذا المقام مقام الرجال ومما يختص به الرجال، ويشاهده الرجال، ولأنهم أعلم بهذا الأمر وأعرف به . (15 / 61)
5 - إذا تقدم الإنسان وذكر للقاضي أو المسئول انه رأى هلال رمضان ولم يقبل منه، ولم يعمل برؤيته فهذا فيه خلاف بين العلماء، فقد ذهب الأكثرون إلى أن يصوم؛ لأنه ثبت الشهر في حقه برؤيته، فيصوم ويسبق الناس بيوم، ويفطر معهم إذا أفطروا، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه لا يصوم إذا لم يعمل برؤيته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون "، وهذا اليوم لم يصمه المسلمون فلا يصومه هو، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وجماعة من أهل العلم، وهو أظهر في الدليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الصوم يوم تصومون " والمسلمون لم يصوموا فتصبح شهادته لاغية في حقه وحق غيره فلا يصوم، وهذا هو الراجح (15 / 64 ، 73)
[1]- سورة البقرة، الآية 183
[2]- رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له
[3]- رواه ابن حبان في صحيحه باب ذكر البيان بأن رؤية هلال شوال إذا غم على الناس كان عليهم إتمام رمضان ثلاثين يوماً .
[4]- رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا " برقم 1909.
[5]- رواه أبو داود في (الصوم) باب شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان برقم 2342
[6]- رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في الصوم بالشهادة برقم 691
[7]- رواه أحمد في (مسند الكوفيين) حديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 18416، والنسائي في (الصيام) باب قبول شهادة الرجل الواحد على شهر رمضان برقم 2116
[8]- رواه أبو داود في (الصوم) باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال برقم 2338
كتاب الصيام :
6 - الحساب لا يعول عليه في رؤية هلال رمضان ولا غيره من الأحكام الشرعية بإجماع أهل العلم، حكى الإجماع في ذلك شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية رحمه الله . والحجة في ذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"[1]. أما الآلات فظاهر الأدلة الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهلال بها بل تكفي رؤية العين . ولكن من طالع الهلال بها وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل فلا أعلم مانعاً من العمل برؤيته؛ لأنها رؤية العين لا الحساب . (15 / 68 ، 109 ، 121 ، 127 ، 139)
7 - إذا رأى - الهلال - بعينه عن طريق المرصد، أو من طريق جبل، أو من طريق المنارة، إذا ثبت أنه رآه بعينه يعمل بها سواء من طريق المراصد أو من طريق المنارة أو من طريق السطوح أو من أي طريق، لكن لابد أن يشهد الثقة أنه رآه بعينه (15 / 70)
8 - كبر الأهلة وصغرها وارتفاعها وانخفاضها ليس عليه اعتبار ولا يتعلق به حكم؛ لأن الشرع المطهر لم يعتبر ذلك فيما نعلم . (15 / 80 ، 146)
9 - الصواب اعتماد الرؤية وعدم اعتبار اختلاف المطالع في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باعتماد الرؤية ولم يفصل في ذلك، وذلك فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"[2] متفق على صحته . وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة"[3] والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . ولم يشر صلى الله عليه وسلم إلى اختلاف المطالع، وهو يعلم ذلك، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن لكل بلد رؤيته إذا اختلفت المطالع . واحتجوا بما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لم يعمل برؤية أهل الشام، وكان في المدينة رضي الله عنه، وكان أهل الشام قد رأوا الهلال ليلة الجمعة وصاموا بذلك في عهد معاوية رضي الله عنه، أما أهل المدينة فلم يروه إلا ليلة السبت، فقال ابن عباس رضي الله عنهما لما أخبره كريب برؤية أهل الشام وصيامهم: " نحن رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نراه أو نكمل العدة"[4] واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " الحديث . وهذا قول له حظه من القوة، وقد رأى القول به أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية جمعاً بين الأدلة (15 / 83)
10 - أما سؤالكم عن الصوم في ألمانيا فهذا جوابه: أما دخول الشهر فلا يجوز الاعتماد فيه على المفكرة والحساب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً"[5]. وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة"[6].
إذا عرف هذا فالواجب أن تعتمدوا في ذلك على ما يثبت لديكم من دخول الشهر بالرؤية من طريق السفارة السعودية، أو غيرها من سفارات الدول الإسلامية، أو من رؤية من حولكم من المسلمين للهلال وهكذا الخروج، أما زمن الصيام فاعتمدوا فيه على ما قد عرف عندكم في البلاد فإذا كان المعروف عندكم أن النهار في مثل أيام رمضان تسع ساعات، فصوموا تسع ساعات، وهكذا لو كان أكثر أو أقل، فإذا كان هناك شك فاحتاطوا بزيادة نصف ساعة أو ساعة؛ لبراءة الذمة، والتأكد من إكمال الصيام، وفقكم الله ويسر أموركم واذكروا قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[7] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"[8] ويكفي في مثل هذه الأمور عند خفاء طلوع الفجر أو غروب الشمس العمل بغالب الظن والدلائل التي يستفاد منها ذلك والحمد لله وهو سبحانه القائل في كتابه الكريم: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"[9].والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا وإمامنا محمد وعلى آله وصحبه . (15 / 116)
[1]- رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له
[2]- رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له
[3]- رواه النسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على منصور برقم 2162
[4]- رواه أحمد في (مسند بني هاشم) بداية مسند عبد الله بن العباس برقم 2785، والترمذي في (الصوم) باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم برقم 693
[5]- رواه مسلم في (الصيام) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له
[6]- رواه النسائي برقم (2162)
[7]- سورة التغابن، الآية 16
[8]- رواه البخاري في (الاعتصام بالكتاب والسنة) باب الاقتداء بسنة رسول الله برقم 7288، ومسلم في (الحج) باب فرض الحج والعمرة مرة واحدة برقم 1337
[9]- سورة البقرة، الآية 185
كتاب الصيام :
11 - لو فرضنا أن المسلمين أخطأوا في إثبات الهلال دخولاً أو خروجاً وهم معتمدون في إثباته على ما صحت به السنة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهم في ذلك بأس، بل كانوا مأجورين ومشكورين من أجل اعتمادهم على ما شرعه الله لهم وصحت به الأخبار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولو تركوا ذلك من أجل قول الحاسبين مع قيام البينة الشرعية برؤية الهلال دخولاً أو خروجاً لكانوا آثمين وعلى خطر عظيم من عقوبة الله عز وجل، لمخالفتهم ما رسمه لهم نبيهم وإمامهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم التي حذر الله منها في قوله عز وجل: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[1] (15 / 133)
12 - إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون"[2] لكن إن لم تكملوا تسعاً وعشرين يوماً فعليكم إكمال ذلك، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين . (15 / 156)
13 - ثبت في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يوماً ومتى ثبت دخول شهر شوال بالبينة الشرعية بعد صيام المسلمين ثمانية وعشرين يوماً فإنه يتعين أن يكونوا أفطروا اليوم الأول من رمضان فعليهم قضاؤه؛ لأنه لا يمكن أن يكون الشهر ثمانية وعشرين يوماً وإنما الشهر تسعة وعشرون يوماً أو ثلاثون (15 / 159)
14 - قد دلت الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان من العلماء على أن الشهر يكون ثلاثين، ويكون تسعاً وعشرين، فمن صامه دائماً ثلاثين من غير نظر في الأهلة فقد خالف السنة والإجماع، وابتدع في الدين بدعة لم يأذن بها الله (15 / 161)
15 - يجب صوم رمضان على كل مسلم مكلف من الرجال والنساء، ويستحب لمن بلغ سبعاً فأكثر وأطاقه من الذكور والإناث، ويجب على أولياء أمورهم أمرهم بذلك إذا أطاقوه كما يأمرونهم بالصلاة (15 / 167)
[1]- سورة النور، الآية 63
[2]- سبق تخريجه
كتاب الصيام :
16 - يجب عليها- البنت - صيام رمضان إذا بلغت والبلوغ يحصل بأحد الأمور التالية: بلوغ خمس عشرة سنة، أو الحيض، أو نبات الشعر الخشن حول الفرج، أو إنزال الماء (المني) عن شهوة يقظة أو مناماً ولو كانت سنها دون الخامسة عشرة . وبناء على ذلك فإنه يجب عليها قضاء ما تركت من الصيام بعدما بدأت تحيض، وقضاء الأيام التي حاضتها في رمضان، كما تجب عليها الكفارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم بسبب تأخير القضاء إلى رمضان آخر، ومقداره نصف صاع من قوت البلد عن كل يوم إذا كانت تستطيع الإطعام، فإن كانت فقيرة فلا إطعام عليها ويكفي الصوم . وفق الله الجميع لما فيه رضاه . (15 / 174 ،184)
17 - من الذي لا صوم عليه ؟
المجنون، وفاقد العقل، والصبي، والصبية قبل البلوغ، أما الحائض والنفساء فيجب عليهما الفطر، ولا يجوز لهما الصوم في رمضان وغيره حال الحيض والنفاس، وعليهما القضاء لما أفطرا من أيام رمضان، أما المريض والمسافر فيجوز لهما الصوم والفطر في رمضان، والفطر أفضل، وعليهما القضاء إذا أفطرا في رمضان؛ لقول الله سبحانه: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }[1]، لكن إذا كان المريض لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء الثقات فلا يلزمه الصوم ولا القضاء، وعليه أن يطعم مسكيناً عن كل يوم، وهو نصف صاع بالصاع النبوي من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريباً، وهكذا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم يطعمان عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد، ولا صوم عليهما ولا قضاء . ويجوز دفع الكفارة عن جميع رمضان دفعة واحدة في أول الشهر أو آخره، أو في أثنائه لفقير واحد أو أكثر، وهكذا حال الحامل والمرضع إذا شق عليهما الصيام تفطران وعليهما القضاء كالمريض (15 / 175)
18 - الذين يصومون ولا يصلون لا يقبل صيامهم بل هو مردود عليهم مادمنا نقول إنهم كفار كما يدل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . (15 / 178)
19 - الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعاً فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه، وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة، فإذا بلغوا الحلم وجب عليهم الصوم، وإذا بلغوا في أثناء النهار أجزأهم ذلك اليوم، فلو فرض أن الصبي أكمل الخامسة عشرة عند الزوال وهو صائم ذلك اليوم أجزأه ذلك، وكان أول النهار نفلاً وآخره فريضة إذا لم يكن بلغ قبل ذلك بإنبات الشعر الخشن حول الفرج وهو المسمى العانة، أو بإنزال المني عن شهوة، وهكذا الفتاة الحكم فيهما سواء، إلا أن الفتاة تزيد أمراً رابعاً يحصل به البلوغ وهو الحيض . (15 / 180)
20 - المرأة عليها أن تتأنى حتى تتيقن أنها طهرت فإذا طهرت فإنها تنوي الصوم وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر، ولكن عليها أيضاً أن تراعي الصلاة فتبادر بالاغتسال لتصلي صلاة الفجر في وقتها، وقد بلغنا أن بعض النساء تطهر بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الفجر ولكنها تؤخر الاغتسال إلى ما بعد طلوع الشمس بحجة أنها تريد أن تغتسل غسلاً أكمل وأنظف وأطهر، وهذا خطأ لا في رمضان ولا في غيره؛ لأن الواجب عليها أن تبادر وتغتسل لتصلي الصلاة في وقتها ثم لها أن تقتصر على الغسل الواجب لأداء الصلاة، وإذا أحبت أن تزداد طهارة ونظافة بعد طلوع الشمس فلا حرج عليها . ومثل المرأة الحائض من كان عليها جنابة فلم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإنه لا حرج عليها وصومها صحيح، كما أن الرجل لو كان عليه جنابة ولم يغتسل منها إلا بعد طلوع الفجر وهو صائم فإنه لا حرج عليه في ذلك؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدركه الفجر وهو جنب من أهله فيقوم ويغتسل بعد طلوع الفجر (15 / 191)