Øبيبة الرØمن المشرفين
عدد المساهمات : 1575 تاريخ التسجيل : 09/03/2012 الموقع : سجادتى
| موضوع: من علماء الفقه الإمام ابن القيم الإثنين مايو 28, 2012 3:40 pm | |
| من علماء الفقه الإمام ابن القيم
هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزُّرعي الدمشقي . الشهير بـ ( ابن قيّم الجوزية ) أو ابن القيم اختصاراً . وُلِد – رحمه الله – سنة إحدى وتسعين وستمائة للهجرة . وسببُ تسميته بابن قيم الجوزية ، أن والده – رحمه الله – كان قَيِّماً على المدرسة الجوزية بدمشق ، والقيّم هو الناظر أو الوصي ، وهو ما يُشبه المدير في زمننا هذا . وكان والدُ ابن القيّم من علماء دمشق . وأما بالنسبة للخلط بينه وبين ابن الجوزي – رحمه الله – فإن سبب ذلك يعود إلى الاشتراك في التّسمية ، حيث إن المدرسة التي كان أبوه قيّماً لها تُنسب لابن الجوزي ، إذ هو واقِفُها ، وهو – أي ابن الجوزي – واعظُ بغداد ، وصاحب المصنّفات الكثيرة ، وهو أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبيد الله بن الجوزي القرشي البغدادي ، ت ( 597 هـ ) وهو مُتقدّم على ابن القيم . رحم الله الجميع . وغَلِطَ في الخلط بينهما بعض الكتاب حتى نسبوا بعض كُتب ابن الجوزي إلى ابن القيّم . وقد نشأ ابن القيم – رحمه الله – في بيت علم وفضل . فأبوه وأخوه وابنُ أخيه وابناه عبد الله وإبراهيم كانوا من العلماء البارزين في عصرهم .
أخـلاقـه : وكان – رحمه الله – صاحبَ هِمّةٍ عالية وخُلُقٍ فاضل . قال عنه تلميذُه ابن كثير : وكان حسنُ القراءة والخُلُق ، كثير التّودد ، لا يحسِد ُأحداً ولا يؤذيه ، ولا يستعيبه ، ولا يحقد على أحدٍ ، وبالجملة كان قليل النظير في مجموعه وأموره وأحواله ، والغالب عليه الخير والأخلاق الفاضلة . وقال عنه تلميذُه الآخر ابن رجب : وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجُّد وطول صلاةٍ إلى الغاية القصوى ، وتألُّهٍ ولهْجٍ بالذِّكر ، وشغفٍ بالمحبة والإنابة والاستغفار ، والافتقار إلى الله والانكسار لـه ... ولا رأيتُ أوسع منه علمـاً ، ولا أعـرف بمعاني القــرآن والسُّنّــة وحقــائق الإيمان أعلم منه ، وليس هو المعصوم ولكن لم أرَ في معناه مثله .
طلـبُه للعلم :
طلب العلم صغيراً ، فقد بدأ في طلب العلم وعمره سبع سنوات ، كما ذكر ذلك في كتابه النافع الماتع ( زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه وسلم ) فقد ذَكَر أنه سمِع من شيخه الشهاب العابر ، وشيخُه هذا توفي سنة ( 697 هـ ) وابن القيم وُلـِدَ سنة ( 691 ) كما تقدّم . وكان ابن القيم في أولِ حياته قد تأثّر ببعض أقوال أهل البدع إلى أن قيّض الله لـه شيخَ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – على ما ذَكَرَ هو في النونية حيث قال :
يا قومُ واللهِ العظيم نصيحةٌ *** من مشفق وأخٍ لكم مِعوانِ جرّبت هذا كلَّه ووقعت في*** تلك الشباك وكنت ذا طيرانِ حتى أتاح لي الإله بفضله *** من ليس تجزيه يدي ولساني حبرٌ أتى من أرض حرّان فيا *** أهلا بمن قد جاء من حـران فالله يجزيه الذي هو أهلُه *** من جنة المأوى مع الرضوان أخَذّتْ يداه يدي وسار فلم يَرُم *** حتى أراني مَطْلَعَ الإيـمان ورأيت أعلام المدينة حولها *** نزل الهدى وعساكر القرآن ورأيت آثارا عظيما شأنُها *** محجوبةً عن زمرة العميان ووردت رأس الماء أبيض صافيا *** حصباؤه كلالئ التيجان ورأيت أكوابا هناك كثيرةً *** مثل النجوم لواردٍ ظمآن ورأيت حوض الكوثر الصافي الذي *** لا زال يشخب فيه ميزابان ميزابُ سنتـه وقـولُ إلـهه *** وهما مدى الأيام لا يَنيان والناس لا يردونه إلا من الـ *** آلاف أفرادا ذوو إيمان وردوا عِذاب مناهل أكرِم بها *** ووردتم أنتم عذاب هوان ثم لازم ابنُ القيمِ شيخَ الإسلام ابنَ تيمية وأخذ عنه الكثير ، وكان أكثر ذلك بعد عودة شيخِ الإسلام من مصر سنة ( 712 هـ ) إلى أن مات شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – قال تلميذه ابن رجب : تفقّه في المذهب ، وبرع وأفتى ، ولازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، وتفنن في علوم الإسلام ، وكان عارفاً في التفسير لا يُجارى فيه ، وبأصول الدين وإليه فيها المنتهى ، والحديث ومعانيه وفقهه ، ودقائق الاستنباط منه لا يُلحق في ذلك .
ومما يدلّ على سعة علمه واطلاعه كثرة مصنّفانه حتى أنه كان يؤلف ويكتب المجلدات في أسفاره . ومن ذلك أنه ألّف بعض الكتب في أسفاره ، فمن ذلك : 1 – مفتاح دار السعادة . 2 – زاد المعاد . 3 – روضة المحبين . 4 – بدائع الفوائد . 5 – تهذيب سنن أبي داود . ولا غرابة في ذلك فهو تلميذ الإمام الجهبذ شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ولا غرابة أن يؤلف ويكتب ويُصنِّف في أسفاره ، فهو بحرٌ لا تُكدِّره الدلاء ، ولا أدل على ذلك من كتابه ( الداء والدواء ) وطُبِع باسم آخر ( الجواب الكافي ) فقد ألّفه إجابة على سؤال واحد وَرَدَ إليه .
ابتلاؤه وامتحانه : الابتلاء سُنّةٌ ربانية ، وقد سُئل الإمام الشافعي – رحمه الله – :يُبتلى المرء أو يُمكّن لـه ؟ فقال : يُبتلى المرء ثم يُمكّن له ؟ وابن القيّم – رحمه الله – لم يتبوأ تلك المكانة العالية إلا بعد أن ابتُلي . قال ابن رجب : وقد امتُحِن وأُذيَ مراتٍ وحُبِسَ مع تقيّ الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفرداً عنه ، ولم يُفرج عنه إلا بعد موت الشيخ . كما امتُحن بسبب بعض فتاواه في بعض المسائل التي خالَف فيها علماء عصره ، والتي استبان له فيها الحق أو أنه رأى أن الحقّ فيما ذَهَبَ إليه مما أدّاه اجتهاده إليه . ومن ذلك أنه أنكر شدّ الرحال إلى قبر الخليل . قال ابن رجب : وقد حُبِسَ مدةً لإنكاره شدّ الرحال إلى قبر الخليل . وأفتى في مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أنه يقع طلقة واحدة . وكان مع ذلك – أي مع مخالفته للمذهب أحياناً - شديد الاحترام للأئمة ، فهو يحكي أقوالهم ، ويستأنس بها لما يختاره . قال – رحمه الله – : وكثيرا ما ترد المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده فنحكي المذهب الراجح ونرجحه ، ونقول هذا هو الصواب وهو أولى أن يؤخذ به ، وبالله التوفيق .اهـ .
طريقته في التأليف : ألفّ ابن القيم – رحمه الله – فكان يعتمد في مؤلفاته على الدليل من الكتاب والسنة ، فلا يُخالف الدليل متابعة للمذهب أو ردّاً للسنة ، حاشاه ذلك ولم يكن هذا من شأن العلماء بل هو من شأن السَّفَلة والبطّالين ، الذين ثَقُلَ عليهم الكتاب والسنة والتنقيب في بطون الكتب . ثم إنه – رحمه الله – ( كما قال الشيخ الفاضل بكر أبو زيد ) : لا يتهم دليلاً من أدلة الدين بحيث يظنه فاسد الدلالة ، أو ناقص الدلالة أو قاصرها ، أو أن غيرَه أولى منه . قال : ومتى عرض له شيءٌ من ذلك فليتّهم فهمَه ، وليعلم أن البليّة منه . ثم إنه – رحمه الله – يُقدّم أقوال الصحابة رضي الله عنهم على من سواهم . ومما يُميّز مؤلفاته – رحمه الله – سعة علمه وشمولية أفكاره . ومما يُميّز مؤلفات ابن القيم – رحمه الله – حُسنَ الترتيب والسياق ، وهذه ميزةٌ بارزة في مؤلفاته ، لا تكاد تجدها لسواه ، فكلامه مرتّب ، فهو يُعالج القضية التي بين يديه أو التي يُناقشها وكأنها تخصصه وفنّه الذي لا يُتقن سواه ، فهو كما ذكر معالي الشيخ صالح آل الشيخ عن شيخه الشيخ عبد الرزاق عفيفي – رحمه الله – فإنه قال : شيخ الإسلام يأتي إلى جدار الباطل فيهدمه بضربة واحدة ، وأما ابن القيم فينقضه حجراً حجراً . ولا يعني هذا أن كلام ابن تيمية – رحمه الله – غير مرتّب ، فمن تأمل كتابه منهاج السنة النبوية أو الجواب الصحيح وغيرهما من كُتُبِه يجد في من ذك الشيء الكثير . وابن القيم – رحمه الله – أفكاره مرتّبة سواء كان ذلك في الردود أو في تقرير المسائل أو في التقعيد والتأصيل . ومن ذلك أنه – رحمه الله – لما أراد أن يُدلل على فضل العلم وشرفِه ساق فضله من أكثر من مائةٍ وخمسين وجهاً ، بدأ بالأهم فالأهم ، وذلك في المجلّد الأول من مفتاح دار السعادة ، وقد تقدّم أنه ألّف هذا الكتاب في بعض أسفاره . ومما امتازت به مصنّفات ابن القيم – رحمه الله – الإنصاف ، فهو يُنصف خصومه وينظر إلى الأمور بعين إنصاف لا بعين هضم لحقوق الآخرين وإسقاط الرموز ، وغمر حسنات الآخرين المخالفين .
لما قـال صاحب منـازل السائرين: اللطيفة الثالثة أن مشاهدة العبد الحكم لم تدع له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحكم . قال – رحمه الله – متعقّباً لـه : هذا الكلام إن اُخذ على ظاهره فهو من أبطل الباطل الذي لولا إحسان الظن بصاحبه وقائله ومعرفة قدره من الإمامة والعلم والدين لنسب إلى لازم هذا الكلام ، ولكن من عدا المعصوم فمأخوذ من قوله ومتروك ، ومن ذا الذي لم تَـزِلّ به القَدَم ولم يَكْب به الجواد .
وقال صاحب منازل السائرين في موضع آخر : الرجاء أضعف منازل المريدين ؛ لأنه معارضة من وجه واعتراض من وجه ، وهو وقوع في الرعونة في مذهب هذه الطائفة وفائدة واحدة نطق بـها التنـزيل والسنة وتلك الفائدة هي كونه يبـرد حرارة الخوف حتى لا يفضي بصاحبه إلى اليأس . فقال – رحمه الله – : شيخ الإسلام (1) حبيب إلينا والحق أحب إلينا منه وكل من عدا المعصوم فمأخوذ من قوله ومتروك ونحن نحمل كلامه على أحسن محامِله ثم نبين ما فيه … فأما قوله الرجاء أضعف منازل المريدين فليس كذلك بل هو من أجل منازلهم وأعلاها وأشرفها وعليه وعلى الحب والخوف مدار السير إلى الله ، وقد مدح الله تعالى أهله وأثنى عليهم فقال : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) وقال في موضع ثالث : شيخ الإسلام – يعني الهروي - حبيبنا ولكن الحق أحب إلينا منه ، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – يقول : عمله خير من علمه ، وصدق -رحمه الله – فسيرته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد أهل البدع لا يشقُّ لـه فيها غبار ، وله المقامات المشهورة في نصرة الله ورسوله ، وأبى الله أن يكسو ثوب العصمـة لغير الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم . وتلك الأخطاء لو وجدها صبيان الصحف لطاروا بها ولطيّروها ، ولَبَنَوْا عليها قصوراً ، ولَشيّدوا عليها منارات ، يظنّون أنهم بهذا الفعل أتوا بما لم تأت به الأوائل ! فهذا شيء من إنصافه ، وله وصيةٌ في ذلك .
قال – رحمه الله – : فإذا أردت الاطلاع على كُنه المعنى هل هو حق أو باطل فجرِّده من لباس العبارة ، وجرِّد قلبك عن النفرة والميل ثم أعط النظر حقه ، ناظرا بعين الإنصاف ، ولا تكن ممن ينظر في مقالة أصحابه ومن يحسن ظنه نظرا تامّاً بكل قلبه ، ثم ينظر في مقالة خصومه وممن يسيء ظنه به كنظر الشّزَر والملاحظة ، فالناظر بعين العداوة يرى المحاسن مساوئ ، والناظر بعين المحبة عكسه ، وما سلم من هذا إلا من أراد الله كرامته وارتضاه لقبول الحق . اهـ . فما أحوجنا إلى هذا الأدب من هذا العالِم الرّباني ، وما أحوج الناس إلى الإنصاف ، وطلاّب العلم على وجه الخصوص .
وقد ألّف ابن القيم – رحمه الله – في شتى العلوم ، في التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلله ورجاله والفقه وأصوله ، واللغة ، والسلوك والأخلاق ، وله كتاب في الفروسية ، وله كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل كتاب حافل نافع في بابه لم يُسبق إلى مثله ، أفاد وأجاد فيه ، وله كتاب جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الآنام صلى الله عليه وسلم ، وهو كتابٌ فريدٌ في بابه كذلك ، وألّف كُتباً في الفوائد التي كان ينتقيها ويجمعها بين الحين والآخر ، مثل : كتاب بدائع الفوائد ، وكتاب الفوائد .
عن موقع الشيخ ابن تيمية | |
|
الراضى كبير المراقبين
عدد المساهمات : 2062 تاريخ التسجيل : 29/08/2010
| موضوع: رد: من علماء الفقه الإمام ابن القيم الإثنين مايو 28, 2012 3:51 pm | |
| جزاك الرحمن خيرا اللهم امين | |
|