وإنه لشر عظيم !!
الْحَمْدُ للّهِ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظّلُمَاتِ وَالنّورَ ثْمّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ
الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَنْزَلَ عَلَىَ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لّهُ عِوَجَا
الْحَمْدُ للّهِ الّذِي لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الاَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
الْحَمْدُ للّهِ فَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيَ أَجْنِحَةٍ مّثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
والصلاة والسلام على الصادق الأمين ، المبعوث رحمة للعالمين ، ذو الخلق العظيم،بالمؤمنين رءوف رحيم
أما بعد ..
لقد انتشر في زمننا هذا كثرة ذهاب الناس إلى السحرة وطرق أبوابهم لعمل السحر لفلان أو أذى فلانة أو عمل تحويطة لجلب الرزق أو الزواج أو الحمل .. وغيره ،وأنا على اعتقاد جازم بأن الذي يروج سلعة السحرة هو الإنسان نفسه ، وإن العين لتدمع والقلب يحزن حينما يكون الشخص الذي يذهب للساحر لعمل السحر هو مسلم أو مسلمة ، فالعجب كل العجاب بأن بيوت المسلمين تخرب على أيدي مسلمون،وبنات المسلمين تعنس على أيدي مسلمون، وأرحام المسلمات تربط على أيدي مسلمات .. وإلى الله المشتكي .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
لذا فقد هممت بكتابة رسالتي هذه تحت عنوان
" وإنه لشر عظيم "
وذلك بسبب إحساسي بالمسئولية وليس من باب الأهلية والله أسأل أن يهدى بها وأن ينفع بها إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
حكى لي شخص في التليفون قال يا شيخ أريدك أن تعالج أختي من سحر بتعطيل الزواج،قلت وما أدراك أنها مسحورة ، قال : كان لنا قريب من أقاربنا تقدم لزواج أختنا وما كنا نريد لزواج أختنا فذهبنا لشخص ما ( ساحر ) لكي يبعده عنا لأننا في غاية الحرج لرفضه مباشرة ، فالراجل الساحر عمل شيء عكسي أوقف حال أختنا ( زواج ) وعمرها بلغ 37 سنة لم تتزوج ، وهى تصرع بمجرد سماع القرآن وتصرخ وينطق عليها الجن ويقولون نحن لا نريدها أن تسمع القرآن أو تصلى نحن جن نصارى .
قلت لا حول ولا قوة إلا بالله : معقول الذهاب للسحرة أصبح من السهل لهذه الدرجة ثم عنفت عليه تعنيفا شديدا .. وفهمته بأن ذلك عقاب من الله لهم ..
وسمعت من امرأة أنها كانت تصنع لزوجها سحرا في كوب الشاي كي يزداد في حبها ولا يتزوج غيرها خوفا عليه لأنه ثري بالمال وذو جمال .
وقالت لي فتاه إني أحب شخص ما وأريده للزواج منى وصنعت له كثيرا من السحر حتى يتزوجني .. وغيره وغيره من الأمور التي تدمي القلب وتدمع العين .. فكان واجبا علينا كدعاة إلى الله جمح هذا الشر الكبير ووعظ الناس بالترهيب والترغيب وهذا من باب الشعور بالمسئولية وليس من باب الأهلية.
أولا : يجب معرفة الناس بأن السحر نوعان :-
(1) السحر العلوي :وهو معروف عند السحرة بأنه عدم الضر أو الأذى ولكنه يفعل لأمور الخير، مثل التأليف بين زوج وزوجته أو جلب الرزق لشخص لا يعمل أو جلب زوج لبنت لا تتزوج كما هو معروف عند كثير من الناس العوام وأصحاب الجهل.
ملاحظة هامة جدا :
هذا النوع حرام وشرك بالله حتى لو كان المقصد خير وعدم الضر لأنه يكون أيضا سحرا يكون بناءا على تكليف من قبل الساحر لـ ( خدام السحر ) ( الجن المكلف ) لأن بعض الناس تتهاون فيه وتقول أنا ما أضر أحد ولا آذي أحد ويأخذون تحويطات ( أحجبة ) من الساحر مكتوبة بحروف وأرقام ورسومات منها ما يدفن أو يعلق
ويسمى هذا النوع عند البعض
"بالسحر الأبيض"
(2) السحر السفلي :والمقصود منه الشر والضر
مثل التفريق بين الزوج وزوجته، قال تعالى ( فَيَتَعَلّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ)[البقرة : 102]
وأيضا سحر تعطيل الزواج - سحر الجنون – سحر المرض – سحر منع الحمل – سحر الفشل – سحر التدمير – سحر بالزنا – سحر التنصير .. وغيره
ويصنف أحيانا عند البعض" بالسحر الأحمر" لأنه يكون على اللون الأحمر مثل دم الحيض أو دم مقتول أو النجاسات.
ثانيا : الذهاب إلى السحرة كفر بالله :
نعم أحباب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فالذهاب إلى الساحر كفر بالله، فعن أبي هريرة ( رضى الله عنه ) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)من أتى عرافا أو كاهنا فصدقة بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد).(رواه أحمد والحاكم بسند صحيح، 5939 صحيح الجامع)
وعن السيدة عائشة ( رضى الله عنها ) قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) " من أتى عرافا فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين يوما).( رواه مسلم وأحمد 5940 صحيح الجامع)
ثالثا : عمل السحر هو اعتراض على قدر الله :-
نعم أحباب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذهاب إلى ساحر هو معناه الحقد والغل والاعتراض على قدر الله ،سواء كان المقصد سوء وشر (سحر سفلي أو أحمر) وهذا أبشع وظلم مبين أو إن كان المقصد خير كجلب رزق أو زواج البنات أو للحمل (سحر علوي أو أبيض) وهو اعتراض على قدر الله وقضاؤه، لأن الساحر يقوم بذلك بناءا على تسخير الشياطين وإرسالها للقيام بالمهمة سواء ضر وهو معروف لدى جميع الناس أو المراد خير وهذه هى الطامة الكبرى التي يقع فيها الناس الجهال والسذج.
رابعا : الساحر يؤذى الذي يذهب له :
وهذا كثيرا ما يحدث تذهب المرأة لعمل سحر لفلانة فيعمل الساحر سحرا للطرفين للمرأة المراد آذاها والمرآة التي أتت له حتى يبتزها بالمال أو الزنا والعياذ بالله .
حكي لي ساحرا تائبا جاء لي وقال يا شيخ أريد أن أتوب فأنا ساحر تبولت على المصحف وما من محرم إلا ارتكبته حتى كنت أزني بالبنات والنساء عن طريق مادة منومة (مخدرة) أضعها في بخور ثم أقرأ على الفتاة أو المرأة قرآن حتى أوهمها أني رجل صالح ثم تنام بالمادة المنومة ( المخدرة ) التي في البخور ثم حينما تفيق المرأة أقل لها لقد أخرجت الجن الذي عندك وهكذا .. وهناك كثير من القصص التي لا متسع لعرضها ..
خامسا : عمل السحر ظلم وظلمات :
نعم أحباب النبي (صلى الله عليه وسلم) عمل السحر لفلان ظلم والله حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين العباد ، ففى الحديث القدسي عن أبي ذر ( رضى الله عنه ) قال تعالى : ( يا عبادي : إنى حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا ).(رواه مسلم 4345 صحيح الجامع)
فالذي ظلمته بالسحر والأذى سوف يأخذ منك حقه في الدنيا والآخرة يوم نقف بين يدي جبار الأرض والسموات واحذر بأنه كما تدين تدان والجزاء من جنس العمل.
سادسا : المبادرة بالتوبة :
وأنا أطلب من كل من ذهب لساحر أو أذي شخص بأن يبادر بالتوبة وأن يكثر من الأعمال الصالحة فوالله إني أخاف عليك حبيبي في الله وأخاف عليكي أمي الكريمة وأختي الفاضلة ، قال تعالى إِنّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّـيّئَاتِ ) (هود : 114)،قال تعالى: (قُلْ يَعِبَادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رّحْمَةِ اللّهِ إِنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعاً إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ) ( الزمر : 53)
وأختم رسالتي بالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
الشيخ أحمد عبدالمجيد
أبو إسحاق
مصر