العُجب : خصلة مدمرة للنفس والحسنات
هي من الخصال السيئة التي يفرح بها الشيطان اذا اتصف بها الانسان .
هي خصلة ذميمة تفقد المرء توازنه و تصده عن الحق .
هي خصلة تبغضه لدى الناس و تحرمه من الاخلاص .
هي خصلة تورث القلب بقعا سوداء يصعب ازالتها.
هي خصلة تبقى مع الانسان ومزروعة فيه.
انها خصلة " العُجب" أو "الاعجاب بالنفس" الذى يفضي فى الغالب الى التعالي والكِبر
و ازدراء الاخرين و رفض الحق مهما كان واضحا.
العُجب افة شيطانية تفسد الاعمال و تحرق الحسنات و تعطل المسلم عن سيره الى الله تعالى.
العُجب يصادم الاخلاص الذى هو اصل الدين.
العُجب هو سوء ادب مع الله و سوء ظن بالخلق.
العُجب هو سوء معاملة مع النفس التى تحتاج الى مزيد من الذل و مزيد من الافتقار الى الله.
فاذا اردت ان تعلو اكثر فأكثر الى ربك فزد فقرا و ذلا بين يديه سبحانه و تعالى.
كم من مسلم لا يحاسب نفسه بسبب اعجابه بها ؟
و كم من اناس كثيرون حرموا من معرفة اخطائهم والاهتداء الى عيوبهم لان "العُجب" اعماهم ، اعجبوا بانفسهم فصارو مثل العميان ؟
ما هو العُجب ؟
ان العُجب الذى يجب عليك ان تفر منه سريعا و قبل ان تلقى ربك ، هو ان ترى ان عندك شيئا ليس عند غيرك ، حتى لو لم يظهر هذا على فلتات لسانك.
فاذا كنت تعتقد فى قرارة نفسك انك تملك اشياء كثيرة لايملكها غيرك سواء كان ذلك في امور الدين، كمن يستعظم عبادته و طاعته و يزدري الاخرين و يحتقرهم، او كان ذلك في امور الدنيا من مال ومركب و ملبس و مسكن و صحة و ربما نسب و غير ذلك.
يقول بعض السلف:
"العُجب" ان تحمد نفسك على ما علمت و ما عملت، وتنسى ان المنعم هو الله سبحانه و تعالى .
ويقول شيخ الاسلام رحمه الله تعالى:
"العُجب" قرين الرياء ، ولكن الرياء من باب الاشراك بالنفس فالمرائي لا يحقق قول الله تعالى " اياك نعبد" و المُعجب لا يحقق قول الله تعالى { واياك نستعين } .
وكثيرا ما يأتى العُجب من الكِبر ، لأن الكِبر والتعالي اوله اعجاب بالنفس ثم يصيرتكبرا .
فالكِبر صفة لا تجوز الا لله رب العالمين .
أضرار العُجب
و قال العلماء عن اثار "العُجب" و اضراره:
انه يجمع خصالا شتى فهو يعمي الانسان عن ذنوبه و يجعله يستصغر ذنوبه و يغتر بعمله .
فيشعر انه صاحب منة حتى على الله تعالى و يرى انه ليس بحاجة الى توبة و لا نصيحة .
الا ترون احبائي ان بعض الناس من حولنا اذا نصحته نظر اليك بإزدراء ، واذا انتقدته لا يتقبل منك ابدا اي نقد ؟ فهو كامل و غيره ناقص ، و هو ذكي و غيره بليد. فهو يشعر بكمال" زائف" من الشيطان ، فيجعله يعيش فى سماء الذات، وعزة مدعاة فلا يقبل ملاحظة من احد ، ولايتراجع عن خطأ .
قيل لعائشة رضي الله عنها : متى يكون الرجل سيئا ؟
فأجابت رضي الله عنها : اذا ظن انه محسن .
ذمُّ العُجب
وانظر معي كيف ذم الله العُجب فقال تعالى :
{ ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا }.
وانظر كيف ذم رسول الله صلى الله عليه و سلم العُجب حيث ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( بينما رجل يمشي فى حلة ، تعجبه نفسه ،مرجل جمته ، اذ خسف الله به فهو يتجلجل فى نار جهنم الى يوم القيامة ) .
و جاء فى سنن البيهقي باسناد حسن : قال صلى الله عليه وسلم:
( ثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، واعجاب المرء بنفسه ).
شح مطاع : هو البخل الذى يمنع الانسان عن الانفاق في سبيل الله.
هوى متبع : كلما طلبت نفسه شيء اطاعها.
و جاء فى حديث اسناده جيد وصححه الالبانى رحمه الله تعالى ، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم اكثر من ذلك ، العُجب ).
و يقول ابن مسعود رضي الله عنه : الهلاك فى اثنين القنوط والعُجب.
والقنوط هو اليأس من رحمة الله تعالى .
لماذا يهلك العُجب صاحبه ؟
لانه اذا اعجب بنفسه لم يفطن الى ذنوبه، و اذا تفطن لشيء من ذنوبه استصغرها فهو لا يفكر حتى فى التوبة ، فيهلك.
يقول بعض السلف: يحسب الرجل انه عنده شيء من العلم فيغتر بذاته ، ولا يعلم ان اعظم الجهل هو ان يخفى عليه ان الله سبحانه و تعالى هو الذى منَّ عليه بهذا العلم.
يقول مفرح بن عبد الله رحمه الله تعالى :
لأن ابيت نائما و اصبح نائما ( أي لا أقوم لقيام الليل ) احب الي من أبيت قائما واصبح معجبا.
و يقول ابن المبارك رحمه الله تعالى: لا اعلم بالمصلين شيئا اكثر شرا من العُجب.
العُجب الخفي
بعض الناس يظهر عليه اثار العُجب فى كلامهم وفي مشيتهم وفي طريقة تعاطيهم مع الناس والبعض الاخر من الناس يكون العُجب فيهم خفيا ، وهذاهو الأخطر. فترى أحدهم ، فتظنه متواضعا، ويظهر من الاخلاق بما تجعله قدوة عند الناس . وهو في حقيقة نفسه فى غاية العُجب ،لأنه يرى نفسه متواضعا وجميع الناس متكبرون. و هذا الشعور هو مكمن الخطر .
فراقبوا الله اخواني واتقوه فى هذه المسألة ، فانها خطيرة جدا.
لماذا يعجب المرء بنفسه ؟ وكيف يتخلص منه ؟
أعظم سبب يوقع الانسان في هذه المهلكه : هو انه يجهل حق الله تبارك و تعالى ، فهو لا يعظم الله حق التعظيم ، لأنه اذا كان يعرف الله حق المعرفة ، و يعظمه حق التعظيم ، و يعرفه على الوجه اللائق بجلاله ، لم يكن ليقع فى ذلك مطلقا ، لأن الخير كله بيد الله . ولكن العبد يغويه الشيطان فينسى ان كل خيرحاصل له انما هو منة و فضل من الله واحسان. يقول الله تعالى :
" وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ "
ومن أسباب الوقوع في العُجب أيضا :
الغفلة عن حقيقة النفس البشرية وضعفها و حاجتها الى الله ، والجهل بعيوب النفس واهمال محاسبتها.
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
من تلمح خصال نفسه و ذنوبها علم انه على يقين من الذنوب و التقصير.
ويقول ابن حزم رحمه الله تعالى :
من ابتلي بالعُجب فليفكر فى عيوبه و ما في نفسه من اخلاق ذميمة.
كل منا يحتاج ان يقف مع نفسه وقفة محاسبة ليعرف عيب نفسه فيضعها فى المكان اللائق بها فيحمي نفسه من الوقوع في تلك الخصلة الذميمة.
نسأل الله تعالى ان يكفينا شرور انفسنا و سيئات اعمالنا وان ينفعنا بما علمنا.
عن موقع الهدف