(
[b]أ ) تعريف الكناية
الكنايةُ : لفظٌ أطلقَ وأريدَ به لازمُ معناهُ مع جوازِ إرادة ذلك المعنَى .
تقولُ العربُ : فلانةٌ بعيدةُ مهوَى القُرط.
انظر في هذا المثال تجد أن ( مهوى القرط ) هو المسافةُ من شحمة الأذن إلى الكتف، وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أنْ يكون العنق طويلاً ، فكأن العربي بدل أنْ يقول : "إن هذه المرأة طويلة الجيد أو العنق " اعطانا تعبير جديد يفيد اتصافها بهذه الصفة .
وهذا ما يسمى (الكناية).
( ب) أقسام الكناية
تنقسمُ الكنايةِ باعتبارِ المكنَّى عنه ثلاثةَ أقسامٍ هي:
أ- كناية عن صفة:
نحو قول الخنساء في أخيها صخر:
طويلُ النجادِ رفيعُ العمادِ كثيُر الرمادِ إذا ما شتا.
تصف الخنساء أخاها بأنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد .
تريد أنْ تدل بهذه التراكيب على أنه شجاع ، عظيم في قومه ، جواد ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفات إلى الإشارة إليها والكناية عنها ؛ لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة .
ثم إنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون عظيم المكانة في قومه وعشيرته .
كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرةُ حرق الحطب، ثم كثرة الطبخ، ثم كثرة الضيوف ، ثم الكرم .
ولما كان كل تركيب من التراكيب السابقة ، وهي : طويل النجاد ، ورفيع العماد ، وكثير الرماد ، كُنيَ به عن صفة لازمة، لمعناه ، كان كلُّ تركيبٍ من هذه وما يشبهه (كناية عن صفة).
ب- كناية عن موصوف:
نحو قول الشاعر:
الضَّاربين بكلِّ أبيضَ مخذَمٍ والطاعنينَ مجامعَ الأضغانِ .
ففي هذا المثال أراد الشاعر وصف ممدوحيه بأنهم يطعنون القلوب وقت الحرب فانصرف عن التعبير بالقلوب إلى ما هو أملح وأوقع في النفس وهو " مجامعُ الأضغان " ، لأنَّ القلوب تُفهم منه إذ هي مجتمع الحقد والبغض والحسد وغيرها.
وإذا تأملت هذين التركيبين وهما: " بنت عدنان " و " مجامع الأضغان " رأيت أنَّ كلاً منهما كُني به عن ذات لازمة لمعناه أي كني به عن موصوف، لذلك كان كل منهم (كناية عن موصوف).
ت- كناية عن نسبة:
نحو: (المجدُ بين ثوبيكَ والكرمُ ملءَ بُرديكَ) .
انظر في هذا المثال فإن أردت أن تنسب المجد والكرم إلى من تخاطبه ، فعدلت عن نسبتهما إلى ما له اتصال به ، وهو الثوبان والبردانِ .
ويسمَّى هذا المثال وما يشبهه (كنايةٌ عن نسبة) .
وأظهر علامة لهذه الكناية أنْ يصرحَ فيها بالصفة كما رأيت ، أو بما يستلزم الصفة، نحو: في ثوبيه أسدٌ ، فإن هذا المثال كناية عن نسبة الشجاعة.
[/b]