[b]
بقلم / محمد النغيمش* ( منقول )
هناك عناصر مهنية رئيسية لابد من أخذها بعين الاعتبار عند كتابة تقرير رسمي إلى الإدارة. هذه العناصر تجعل التقرير مفيدا، ومفهوما، وفعالا بحيث يؤدي إلى نتائج ملموسة تساهم في اتخاذ القرار المناسب. والملاحظ أن بعض الموظفين لا تلقى تقاريرهم ردود أفعال تذكر بل قد يتم ردها من قبل المسؤولين لأنها ناقصة أو لاتحقق الغرض الذي أعدت من أجله، وهو ما سوف نتطرق إليه.
قبل كتابة التقرير يجب أن يدرك كاتبه: ما هدف التقرير؟ وما أهميته؟ ومن هم الأشخاص الذين سيوجه إليهم؟ حتى يضع في اعتباره ما قد يتوقعه هؤلاء من التقرير.
1 - التلخيص: إذا كان التقرير المطلوب إعداده طويلا (أكثر من 5 صفحات) فيفضل أن يعد كاتبه ملخصا في مطلع تقريره، حتى يضمن أن مديره قد اطلع على فحواه. وكلما كان التقرير موجها لمدير ذي منصب رفيع كانت الحاجة أدعى إلى كتابة ملخص في البداية. ويضم التلخيص العناصر الرئيسية في التقرير مع شرح مقتضب عنها وأهم ما جاء فيها. ولا يفضل أن يتجاوز حجم التلخيص مساحة صفحة واحدة أو نصف الصفحة. ويجب أن يكون فيه الموضوع الرئيسي أو المشكلة الرئيسية موضوع التناول، وما الدلائل التي قادت معد التقرير إلى الخاتمة أو الاقتراحات والتوصيات.
البعض يحبذ وضع التخليص في نهاية التقرير، ولكن الأسلوب الأمثل هو أن يوضع في البداية حتى يستطيع المدير المشغول رؤيته فقد يشرع بقراءته على الفور، فالتلخيص بطبيعة الحال يثير فضول القارئ لأنه يرى فيه زبدة الكلام. وحتى لا تخل عملية قراءة الملخص بالفهم الشامل للتقرير يمكن الإشارة كتابيا إلى أن الملخص لا يضم كل المعلومات ولذا وجب الاطلاع على التقرير كاملا.
2 - جدول المحتويات: يفضل أن يضم التقرير المطول جدا (أكثر من 7 صفحات) على قائمة بالمحتويات فيها العناوين الرئيسية والفرعية. وهذا الجدول مهم لأنه يعطي رؤية شاملة للتقرير وللمجهود المبذول بلمحة سريعة من القارئ. ويذكر فيه عادة أرقام الصفحات للأجزاء الرئيسية للتقرير والفرعية منها لسهولة الذهاب إلى الصفحة المعنية، كما هو مشار إليه في رسم الفهرس أدناه.
3 - الجزء الرئيسي: هذا الجزء هو لب التقرير الذي يحتوي على جميع التفاصيل المتعلقة بالمشكلة محل الدراسة أو الموضوع الرئيسي للتقرير ومنها الدلائل والبراهين التي تعطي صورة شاملة للموضوع. ومن يقرأ هذا الجزء عادة تتكون لديه معلومات وافية عن التقرير. ويفضل أن يحتوي الجزء الرئيسي على رسومات بيانية أو جداول توضيحية لتشرح الفكرة المكتوبة بطريقة لافتة ومبسطة للقارئ. كما أن الرسوم البيانية تساعد القارئ على إجراء مقارنات بين نتائج أو بيانات في مدة زمنية معينة. على سبيل المثال يمكن وضع شكل يوضح تزايد عدد الشكاوى المقدمة ضد الإدارة خلال الخمس سنوات الماضية، أو تزايد المصروفات، أو تزايد الأرباح، أو ارتفاع معدل خروج الموظفين خلال مدة زمنية محددة وهكذا. وفي النهاية نود الإشارة إلى أن الجزء الرئيسي من التقرير يجب أن يكون قائما بذاته أي أنه لا يعتمد على المرفقات بل لابد أن يضم كل المعلومات والدلائل الكافية لإحاطة القارئ بالمعلومات المطلوبة. وهذا لا يعني عدم وضع مرفقات، غير أن هدف المرفقات هو لتقديم مزيد من التفاصيل لمن يرغب. وللعلم فإن الجزء الرئيسي للتقرير لا يعنون بكلمة «الجزء الرئيسي» بل إن عناوينه تكون عادة ذات صلة بالموضوعات التي يتناولها.
4 - الخاتمة: لا تحتوي الخاتمة على معلومات جديدة، بل تضم عرضا سريعا للعناصر الرئيسية التي تمت مناقشتها. ويخلط الكثير من الموظفين -وحتى الطلبة- بين الخاتمة والجزء الرئيسي من التقرير إذ يظنون أن الخاتمة فرصة لإضافة ما تم نسيانه في التقرير!
5 - الاقتراحات أو التوصيات: هذا الجزء يختلف عن الخاتمة، من جهة أنه عبارة عن مقترحات عملية مستوحاة من الخاتمة (صلب الموضوع). فالاقتراحات عادة تكون موجهة إلى الإدارة لتتخذ قراراتها ولذا لابد أن تكون واقعية، وليس من المنطقي أن يُطلب بالاقتراحات، مثلا، مضاعفة الميزانية المرصودة للإدارة بـ10 أضعاف من دون أي مسوغ منطقي! أو يُطالب بتطبيق إجراءات تخالف لوائح وقوانين المنظمة. ويفضل أن تكتب المقترحات على شكل نقاط مختصرة bullet points وتكون مرتبة بحسب الأهمية بحيث يكون الأهم أولا. فمن غير اللائق أن تبدأ المقترحات بـ «مطلوب تغيير ألوان الجدران»! فقد تكون هناك أمور أكثر أهمية. إذا باختصار شديد الاقتراحات يجب أن تكون من «صلب التقرير» و تكون «واقعية وقابلة للتطبيق».
كتابة التقرير هي أمر سهل ممتنع شريطة أن يلتزم معده بالمعايير المتعارف عليها. والتقرير يحتاج إليه كل موظف مهما علا منصبه فيحتاج أن يكتب التقرير على سبيل المثال: الوزير، والوكيل، والسفير، والرئيس التنفيذي، خاصة إذا كانت طبيعته سرية. وعليه في معرفة ما ورد في هذا المقال يساعد المسؤول على أن يكتب تقريرا يليق بسمعته وبالموضوع الذي يكتب عنه.
الأخطاء الشائعة
• عدم وضع مراجع للمعلومات يعتد بها، لأن معد التقرير يظن واهما أن ذلك ينقص من جهوده، ولكن في حقيقة الأمر فإن ذلك يقوي التقرير ويعزز نقاط قوته، فليس مطلوبا من الموظف أن يؤلف أرقاما أو يأتي بحقائق من مخيلته. على سبيل المثال إذا استشهد بموقع البنك المركزي أو إحدى تقارير بيوت الاستشارات فيجب عليه أن يذكر المصدر حتى يعطي تقريره مصداقية، ويدفع متلقي التقرير إلى أن يتخذ قراره بناء على معلومات موثقة.
• يعزف البعض عن كتابة التقرير لاعتقاده بأن «أسلوبه غير جيد»! ولا يعلم هذا الفرد أنه ليس مطلوبا منه أن يكون كاتبا جيدا ليعد تقريرا، فالكتابة هي نوع من أنواع التواصل الأربعة (الإنصات، التحدث، الكتابة، القراءة) لا بد أن يمارسها الموظف حتى يؤدي مهمته على أكمل وجه. فإذا انتهى من التقرير جاز له اطلاعه على شخص ضليع باللغة أو الكتابة (شريطة ألا يكون التقرير سريا). ولنتذكر أن الناس قدرات ولذلك فهم يكملون بعضهم بعضا.
نصائح عامة
• إذا أراد معد التقرير الاستشهاد بأرقام أو إحصائيات فيفضل أن يأخذها من مصادرها الرسمية مثل الجهة نفسها التي يدور حولها التقرير، أو الجهات الحكومية الأرقام الحكومية الموثوق بها وغيرها.
• يحبذ أن يلجأ كاتب التقرير إلى المختصين عندما يتطرق إلى جزئيات تقع خارج نطاق تخصصه، مثل لو كان في التقرير أرقام عن الاقتصاد أو القوائم المالية يتوقع منه أن يُري ما كتبه إلى شخص مختص في الاقتصاد أو المحاسبة مثلا، حتى يكون تقريره محبوكا جيدا من جميع النواحي.
• إذا كان من يكتب التقرير فريقا من الموظفين (اثنين فما فوق) لا بد من تقسيم كتابة التقرير بينهما بحسب الاهتمامات والتخصصات حتى يجني ثماره.
• من الأهمية بمكان أن يكتب على التقرير وبمكان واضح «نسخة أولية للمراجعة» Draft For Discussion حتى لا يخطئ المدير فيسلمه بعجالة إلى مسؤوله على أنه التقرير النهائي فيفاجأ بأخطاء عديدة.
• تأكد من إنجاز التقرير قبل الموعد النهائي للتسليم Deadline بيوم أو يومين حتى يتسنى لك مراجعته وتعديل ما يلزم، فقلما تجد شخصا يكتب تقريرا لا يحتاج إلى إجراء تعديلات طفيفة أو جذرية.
بين الحقائق والرأي الشخصي
من الأهمية بمكان التفريق بين الرأي الشخصي والحقائق. فعدم الاكتراث بأهمية هذه المسألة يمكن أن يمطر التقرير بوابل من الانتقادات لسبب بسيط وهو أن كاتب التقرير لا يفرق بين رأيه الشخصي وبين الحقائق عندما يدلل على كلامه. والحقائق هي المعلومات الأكيدة سواء كانت رقمية أم غير رقمية. فالحقائق مثل «لدينا 234 موظفا بحسب تقرير الشؤون الإدارية» أو «خسائرنا المادية هي 1.34 مليون». أما الرأي الشخصي فيأتي إما تعليقا على حقائق أو تدعيما لها بحكم الخبرة المهنية في مجال معين. ويفضل أن يكثر كاتب التقرير من الحقائق حتى يكون تقريره متينا ويعتد به لأنه مليء بالمعلومات الموثقة بالأدلة والبراهين. وهذا باختصار ما يفرق بين التقرير الجيد والضعيف.
*كاتب متخصص في الإدارة
[/b]