احياناً تشعر بالحنين الى الشعر العربي الاصيل خاصة مع كثرة الشعار ومسابقات الشعر الحالية
لقد أرجع التبريزي سبب نظم المعلقة كما تذكر المصادر القديمة إلى الظروف التي أعقبت حرية عنترة واعتراف أبيه به حيث قيل إن واحداً من بني عبس شتمه وعيّره بأمّه وسخر منه لسواد لونه فانبرى عنترة يفتخر ببسالته ويصف فروسيته متحدّياً خصمه الذي قال له: أنا أعظم شاعرية منك
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي و عمي صباحاً دار عبلة و اسلمي
فوقفت فيها ناقتي و كأنها فدنٌ لأقضي حاجة المتلوم
و تحل عبلة بالجواء و أهلنا بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طللٍ تقادم عهده أقوى و أقفر بعد أم الهيثم
حلت بأرض الزائرين فأصبحت عسراً علي طلابك ابنة محرمٍ
علقتها عرضاً و أقتل قومها زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم
و لقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار و قد تربع أهلها بعنيزتين و أهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما زمت ركابكم بليلٍ مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان و أربعون حلوبةً سوداً كخافية الغراب الأسحم
إذ تستبيك بذي غروبٍ واضحٍ عذبٍ مقبله لذيذ المطعم
و كأن فارة تاجرٍ بقسيمةٍ سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضةً أنفاً تضمن نبتها غيثٌ قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليه كل بكرٍ حرةٍ فتركن كل قرارةٍ كالدرهم
سحاً و تسكاباً فكل عشيةٍ يجري عليها الماء لم يتصرم
و خلا الذباب بها فليس ببارحٍ غرداً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه قدح المكب على الزناد الأجذم
تمسي و تصبح فوق ظهر حشيةٍ و أبيت فوق سراة أدهم ملجم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشوى نهدٍ مراكله نبيل المخرم
هل تبلغني دارها شدنيةٌ لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارةٌ غب السرى زيافةٌ تطس الإكام بوخد خفٍ ميتم
و كأنما تطس الإكام عشيةً بقريب بين المنسمين مصلم
تأوي له قلص النعام كما أوت حذقٌ يمانيةٌ لأعجم طمطم
يتبعن قلة رأسه و كأنه حدجٌ على نعشٍ لهن مخيم
صعلٍ يعود بذي العشيرة بيضه كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شربت بماء الدحرضين فأصبحت زوراء تنفر عن حياض الديلم
وكأنما تنأى بجانب دفها الـ ـوحشي من هزج العشي مؤوم
هرٍ جنيبٍ كلما عطفت له غضبى اتقاها باليدين وبالفم
بركت على جنب الرداع كأنما بركت على قصبٍ أجش مهضم
وكأن رباً أو كحيلاً معقداً حش الوقود به جوانب قمقم
ينباع من ذفرى غضوبٍ جسرةٍ زيافةٍ مثل الفنيق المكدم
إن تغدفي دوني القناع فإنني طبٌ بأخذ الفارس المستلئم
أثني علي بما علمت فإنني سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم
وإذا ظلمت فإن ظلمي باسلٌ مرٌ مذاقه كطعم العلقم
ولقد شربت من المدامة بعدما ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجةٍ صفراء ذات أسرةٍ قرنت بأزهر في الشمال مفدم
فإذا شربت فإنني مستهلكٌ مالي وعرضي وافرٌ لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصر عن ندىً وكما علمت شمائلي وتكرمي
وحليل غانيةٍ تركت مجدلاً تمكو فريصته كشدقٍ الأعلم
سبقت له كفي بعاجل طعنةٍ ورشاش نافذةٍ كلون العندم
هلا سألت الخيل يا بنة مالكٍ إن كنت جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزال على رحالة سابحٍ نهدٍ تعاوره الكماة مكلم
طوراً يجرد للطعان وتارةً يأوي إلى حصد القسي عرمرم
يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ومدجج كره الكماة نزاله لا ممعنٍ هرباً ولا مستسلم
جادت له كفي بعاجل طعنةٍ بمثقفٍ صدق الكعوب مقوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم
فتركته جزر السباع ينشنه يقضمن حسن بنانه والمعصم
ومسك سابغةٍ هتكت فروجها بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ربذ يداه بالقداح إذا شتا هتاك غايات التجار ملوم
لما رآني قد نزلت أريده أبدى نواجذه لغير تبسم
عهدي به مد النهار كأنما خضب البنان ورأسه بالعظلم
فطعنته بالرمح ثم علوته بمهندٍ صافي الحديدة مخذم
بطلٍ كأن ثيابه في سرحةٍ يحذى نعال السبت ليس بتوءم
يا شاة ما قنصٍ لمن حلت له حرمت علي و ليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي فتجسسي أخبارها لي و اعلم
قالت رأيت من الأعادي غرةً و الشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
و كأنما التفتت بجيد جدايةٍ رشأٍ من الغزلان حرٍ أرثم
نبئت عمراً غير شاكر نعمتي و الكفر مخبثةٌ لنفس المنعم
و لقد حفظت وصاة عمي بالضحا إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
في حومة الحرب التي لا تشتكي غمراتها الأبطال غير تغمغم
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم عنها و لكني تضايق مقدمي
لما رأيت القوم أقبل جمعهم يتذامرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر و الرماح كأنها أشطان بئرٍ في لبان الأدهم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره و لبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه و شكا إلي بعبرةٍ و تحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى و لكان لو علم الكلام مكلمي
و لقد شفى نفسي و أبرأ سقمها قبل الفوارس ويك عنتر أقدم
وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَآخَرَ شَيظَمِ
ذُلُلٌ رِكابي حَيثُ شِئتُ مُشايِعي لُبّي وَأَحفِزُهُ بِأَمرٍ مُبرَمِ
وَلَقَد خَشيتُ بِأَن أَموتَ وَلَم تَدُر لِلحَربِ دائِرَةٌ عَلى اِبنَي ضَمضَمِ
الشاتِمَي عِرضي وَلَم أَشتِمهُما وَالناذِرَينِ إِذا لَم اَلقَهُما دَمي
إِن يَفعَلا فَلَقَد تَرَكتُ أَباهُما جَزَرَ السِباعِ وَكُلِّ نَسرٍ قَشعَمِ