كثيرة هي الأوقات التي أتعطش فيها لصوت
يدمدم جرح بداخلي ينزف
ولكن لا أحد سواك يا ورق
يعطيني حرية وشم جسده بـِ ندبات
يرشقها الوقت و يرحل
لا أعلم ما هي عقدة الوقت معي
حين أنتظر الأشياء لا تأتي في وقتها
وحين أمقتها تأتي في وقتها
كأن الوقت يحرضها على عصياني , نسياني
لا أعلم قد أكون أنا لعنة على الوقت , كما تقول أمي
"أنت لا تأتي إلا في الوقت الضائع
بالمناسبة : من الضائع أنا أم الوقت
بائع الورد لم يعد موجودا في زماننا هذا
ففي زماني كثروا باعة الشوك فهم يغرسونها في
أقدام المارة بمحض غفلة
فانتعلوا الطرقات حتى لا تشج أقدامكم
و أن مجرد الحديث عن هذه المعضلة يجعل
نبضاتها الصغيرات يركضن دون هوادة بعكس اتجاه الريح
و كنت أخبرها أني أنا الأخر أخشى (وأد الأمنيات)
و أن الأمنيات هن بناتي اللاتي لم أمنحنهن اسمي .فكانت تربت على كتفي
و تمضي بنصف ابتسامة خاوية الملامح
ثم تركض وتقف أمامي فجأة و تحضنني دون
أن تنبس بكلمة .كانت امرأة غريبة الأطوار ,
أرغمتني على عادة التجسس البغيض
أراقب تحركاتها أثناء نومها كانت كثيرة التقلب
أثناء النوم و كأنها تصارع الموت
ولكن (سر البلل) بات يعشش في ذاكرتي
وظل يشلني عن المضي في نسيانه ,
حتى وجدتها تكتب سراً : "أعشق البلل
لأنه لا يجعلني أحتاج الدموع فإني أخشى الجفاف "
أكانت تبكي بعين السماء
اللحظات الثمينة نخبئها في ذاكرتنا خشية
أن يبيعها النسيان بِـ أبخس الأثمان ,فالحزن
يا صديقي كافر يزرع الجوع بذاكرتي
حتى أجتر كل قطعة وجع و أتقيئها
انتبذ عن الضجيج و أغرس رأسي بكومة تراب
أريد أن أسمع أصوات الأموات و شهقاتهم
أهي المقابر موحشة كغرفتي أم أشد وحشة
يقولون : أن المقابر تتضور جوعاَ , أحين نموت
عظامنا ستلتهمها الأرض و تلعق أجسادنا
أحضروا لي ميتاً يخبرني كم هو الموت موحش
أرجوكم لا تقولوا كما قال صديقي: "دعكم من هذا المجنون"
لـِ حبيبتي قلب كالسكر يذوب في المطر,حين
تمشي ترقص الزهور تحت قدميها
و ينمو الفرح في أوردة الأرض و تعشوشب الأرصفة
و يتعرى الشجر من أوراقه و يصبح الكون خريفاً كعينيها
و حين تنام تتشرب الطرقات الهدوء و تنطفئ المنارات
و ينتحر الضجيج على شفتيها
و يقبل القمر جبينها و يحصي أنفاسها حتى تستيقظ
لِـ يستيقظ الصباح و يتنفسها
الثقة كنز ثمين بالنسبة لي دفنته في بعضهمولكنهم
اختلسوه و هربوا ـ غير مأسوف عليهم ـأصبحت فقير
جداً في تعاملي مع الآخرين ,
أعاملهم بحذر فلا شيء لدي لأمنحهم إياه فما عدت
أملك وجها يحتمل صفعات الخيبة
فلم أبرئ بعد من تلك الثغرات التي أحدثتها
أصابعهم الكثيرة في وجهي
قال لي أحدهم "إن شفاء الأحلام لا يكون
إلا بتحققها أو موتها"
ولكن أحلامي الصغيرة لا تتحقق و لا تموت
حاولت شنقها , دهسها , قتلها
ولكنها كانت تتشبث بالحياة
تستقي العناد من شخصيتي و تنسج من
النور شفاهاً لتتنفس بها
هناك عادة بغيضة أدمنتها حتى باتت جزءاً من شخصيتي
الرعناء(كثرة التساؤل) : لما المطر و الماء و كل
شيء طاهر لا لون له !؟لما الهواء و حضن أمي
وكل شيء ثمين لا رائحة له
لما الأشياء التي لا صوت لها لا نحس بسقوطها
إلا بعد فوات الأوان
تتقافز أسئلتي بحثا عن إجابة تروضها
و الأرق يطارد النوم في ساحات عيوني حتى يقصيه
الأمنيات الصغيرة التي لا تنمو كيف تتنفس
وكل شيء يخنقها ؟كل فجر أستيقظ خلسة
أنثر أحلامي بوجه السماء و أغمض عيني
و أتمنى أمنيات كثيرة كثيرة بعدد الرمل وكأني
حين أتفوه بها أحكم عليها بالإعدام ,
لكني الآن أيقنت أن الأمنيات لا وطن لها يجب
أن تبقى مشردة و تبات على الأرصفة حتى
لا نصاب أجسادنا لتذبل بخيبة ظلام تقطن
غارقة آمالنا بضجيج حزننا البغيض
من ينقذها حين تكون أيدينا مصفدة ,
كيف تتنفس تحت سطح الظلام
ومن سيعد لها حرية الحياة بحياة
قالت لي
بعض الأصابع تكسر الزجاج لتتلذذ
بانكساب الدماء والتمرغ بها
قلت لها
شذرات الدم الحمراء تغري على
الإسهاب في الوجع والحنين
قالت: أكرهك يا سادي الوجع ومضت
يالها من متمردة
تحيتي