ربما.. أقول ربما يكون البلطجية الذين قطعوا طريق مدينة الإنتاج الإعلامى وضربوا الزميلين خالد صلاح ويوسف الحسينى ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين ولا يحملون كارنيه حزب الحرية والعدالة، بل وربما لا يعرفون للمرشد اسما أو لشعار الجماعة شكلا.
استخدام «ربما» هنا لا يطرح تبرئة الجماعة من الأحداث كما تتخيل، هو فقط استخدام يترك مساحة لحرية التفكير والتدبر التى يمكن أن نستخلص من ورائها أن الاعتداء على الزميلين صلاح والحسينى إن لم يكن قد تم بأيدى إخوانى فمن المؤكد أنه تم بتحريض إخوانى، فلا أعرف كيف تطلب جماعة الإخوان البراءة من تهمة الاعتداء على خالد صلاح ويوسف الحسينى والتهديد بملاحقة باقى الإعلاميين بينما ألسنة قيادات الإخوان ملوثة بعشرات التصريحات حول الإعلام الكذاب والمنافق والممول والعميل وهى التصريحات التى انطلقت منتظمة وتم ترويجها على كافة المستويات منذ أعطى المرشد العام للجماعة إشارة البدء فى تنفيذ عملية تشويه الإعلام المعارض للجماعة واصفا الإعلاميين بسحرة فرعون.
كيف يمكن تبرئة الجماعة التى لم تترك صحفيا أو مذيعا مخالفا لها فى الرأى أو معارضا لها سياسيا أو منتقدا لأداء مرسى إلا وصفته بالكذاب واتهمته بالحصول على أموال من الغرب والانتماء للنظام السابق، والعمالة للأنظمة الأجنبية التى تخطط لإسقاط المشروع الإسلامى وتدمير الإسلام نفسه؟، ألا تجد أن الضرب وتحطيم السيارات ومحاصرة مدينة الإنتاج مجرد تطور طبيعى لحفلة الهجوم اللفظى والتشكيك فى ذمم الصحفيين وأخلاقهم التى بدأها الإخوان منذ فترة.
لا أعرف بأى عين يتحدث قيادات الإخوان عن براءتهم من فعل البلطجة على الإعلام ومحاولة ابتزازه وإرهابه وتخويفه وتخوينه واتهامه بالتجاوز، فى الوقت الذى يظهر فيه عصام العريان ليصرح قائلا: «على خفافيش الظلام الذين لم يستجيبوا للمصالحة الوطنية أن يلتزموا الأدب» هكذا وبكل بساطة يصف القيادى الإخوانى الشريف المخالفين له فى الرأى بأنهم خفافيش ظلام وقليلو الأدب، والغرابة هنا لا تكمن فى لغة خطاب القيادى الإسلامى بقدر ما تكمن فى تناقض خطاب الجماعة ككل التى ستعتبر صدور نقد مشابه أو تعليق مشابه ضدها من أى إعلامى نوعا من التآمر والوقاحة وإساءة الأدب.
قبل ذلك قلت فى نفس هذا المكان إذا كان الإخوان يريدون تطهير الإعلام من الكذابين والمنافقين فليطهروا أولا جماعتهم من صبحى صالح الذى حاول فى أحد البرامج أن يسب الصحفيين ويصف الإعلام المصرى بالكذب فسقط فى نفس الحفرة التى حاول أن يحفرها للإعلاميين حينما قال أنه كان جالسا يوم 6 أكتوبر 73 يتناول الغداء مع زميله فى الكلية وحينما سمع أخبار العبور لم يصدق الإعلام المصرى وذهب ليحصل على المعلومة من إذاعات خارجية، غير أن خلايا الكذب فى جسد صالح خانته، فلم يحسن صياغة كذبته حينما تحدث عن تناول الغداء فى نهار رمضان.
قائمة الكذب الإخوانى طويلة وإذا كانت الجماعة قد حرضت ضد خالد صلاح أو غيره من الإعلاميين باعتبارهم ناشرين للأخبار المضللة والكاذبة، فمن باب أولى أن تحسن الجماعة تربية أبنائها أولا، فهل من المعقول أن تتهم الجماعة الإعلام بنشر أخبار كاذبة وتترك ابن الرئيس الذى تحول إلى مصرح سياسى وخبير استراتيجى يفتى ويلت ويعجن فى السياسية بجرأة وفجاجة لم يكن يقدر عليها جمال مبارك.. لدرجة وصلت به إلى التأكيد والادعاء بأن والده محمد مرسى شارك فى جنازة شهداء الحدود ولم يظهر لأن الإعلام تعمد تجاهله. هل تحتاج سيادتك إلى دليل أكثر من ذلك لإثبات تحامل الإخوان على الإعلام، والتأكيد على أن هناك حملة إخوانية منظمة لتدمير الإعلام المعارض للجماعة ولمرسى؟، هل تريد إثباتا أكثر من المثالين السابقين للتأكيد على أن الإعلام يتعرض لهجمة شرسة تهدف إلى زرع مساحات من الشك بينه وبين المواطن حتى ينجو محمد مرسى بفشله والإخوان برغبتهم فى السيطرة.. فكر وتدبر وستدرك فى أى مكان يقف الكذابون.