رجل يشبه إلى حد كبير شهر أمشير، فصفاء سمائه يعقبها زعابيب هوجاء، فإذا جاء من عمله ولم يجد الطعام والماء على الباب، ثارت نفسه ثورتها، وتحسرت بطنه حسرتها على مافاتها من دجاج وكباب، فهو عجول فى الصفات والمواصفات الجسدية....
وبات فى حياته الزوجية كل همه العلاقة الحسية، دون العاطفية، وهو يغار من ضوء النهار، ويعتبر المدام أحد ممتلكاته الأثاثية!
والزوجة الوفية، بتصرفاتها الذكية، وصفاتها الملائكية، لا تألوا جهداً فى سبيل إرضائه، لاتقاء شر تقلبات سمائه الأمشيرية، فاعتادت أن تلبى احتياجاته، وتقوم بإعداد وجباته الشهية، إلا أن كل طعام جديد، يعرف الطريق لمعدته البالونية، لا يمكنه المرور على قلبه الذى قد من حديد وأنانية...
خرج من عمله وفى طريق عودته، ببرميله الذى يسمى معدته، فى جو حار قائظ، يمنى النفس بما يشبع الغرائز، فأخرج الجوال، وطلب زوجته فى الحال، ليس لسؤال محب عن محبوب، ولكن فقط لتجهيز المطلوب!
وعلى غير ما اعتاد، لم يعيره الهاتف جواباً، فلعب الشك فى كرشه المنفوخ، وشوقه الملبوخ، فأخذ يسارع الخطى، ليصارع الزمن، ويقف من قريب على حقيقة الخبر.....
وعندما وصل بعقله المهفوف، وشوقه الملهوف، إلى منزله المعروف، رفض الباب إن يفتح من الداخل كالمعتاد، فأعمل مفتاحه الذى يعلوه الصدأ والتراب...
وقبل أن يسرع باحثاً عن زوجته وفاء، جذبته رائحة الشواء، التى انطلقت من طعام الغذاء، الذى أعدته على المائدة، منذ ساعة واحدة....
ثم راح يبحث عن زوجته بلا روية، سعياً وراء غريزته البهيمية، فوجدها نائمة على سريرها، بعد أن ركبت روحها الزكية قطار السعادة الأبدية، وتركت له جسدها.