لا تعودي.. لا تكلّميني.. لا تصافحيني.. أخشى أن أتمسّك بيدك.. ولا تتأمّلي حزن عيوني كي لا تنهمر دموعي في حضرتك فلن تقوي على احتوائها.. لا تسأليني عن حياتي بَعدك.. ما زالت حياتي في مكانها بانتظارك.. ترفض أن أتخلّى عنك.. هي مدينةٌ لك بوجودها.. هكذا تقول لي وتحاول إقناعي.. وكأنني لا أعلم.. أنا أعلم.. ولكنني أكابر.. أكابر علّ مكابرتي تغلب ضعفي أمام حبك الكبير.. أكابر وأنا على وشك الانهيار.. فابتعدي وأريحيني...
غبتِ.. وغاب عمري بأكمله.. ما عاد الليل صديقي.. خاصمتْني النجوم.. تبرّأ مني سريري.. وقلمي يرفض نطق كلمةٍ لن تكون مرساتها بين يديك.. ما زال يكتب بكِ.. ولكِ.. لكنْ لا تعودي.. أتعبني حبك.. أتعبني بُعدك.. وأتعبتني نفسي معكِ وبَعدكِ.. كنتُ دائماً وجِلاً من غدٍ قد لا ألمحك فيه.. من غدٍ قد أجدني فيه خارج حقيبة سفرك.. في قاعة الانتظار المضني.. من غدٍ أعلم أن انتظاري لك فيه سيفوق تأخّرك عنّي.. أما الآن.. فأنا وجِلٌ من أمسي ويومي وغدي.. فذكريات الأمس تصفعني.. وأحداث اليوم تفتقدك.. وغدي.. لا غَدَ لي بَعدكِ!...
لا تعودي.. بحري متمرّد ستجرفك أمواج عصيانه.. لم يعد يغريه بريق جسدك أمام شموس الدفء التي اصطنعتِها.. أدرك – ولو متأخراً – أنّك ألهبتِه وسرقتِ نسيمه.. فلا تقتربي.. احذري مدّاً ينتظر قدومك ليُذهبَكِ.. حتّى رياحي تفاوضَتْ معه بعد أن عجزَتْ عن الإتيان بك.. فاحذريها.. واحذريه.. حِلف البحر والرياح مدمّر!...
واحذريني.. أنا حاقد.. أنا غاضب.. أنا ناقم.. حذّرتك منّي ومن أشيائي.. عسى أن تفهمي.. فتعودي.. لتعيدي الأشياء إلى صوابها.. وتُعيديني..