لقد بلغني أيها الملك السعيد بعد أن فتحت بوابة الزمان على المستقبل، راكبة بساطا من نور، أجوب العوالم جادة في البحث عن حكايات وغرائب أو عجائب. وأنا على مشارف نهاية العالم، ووصول اليوم الموعود، جئتك من هناك بما يسلي مولاي، ويقرئه الحكمة من الحياة.... ــ هيا يا شهرزاد لقد أوشك الديك أن يصيح...
ــ معذرة سيدي، أردت فقط أن اعلمك أن الأحداث من مستقبل الزمان
ــ لا تابهي لقد تعودت على معجمهم فهاتي ما جئتني به!!
في رحلة الحياة، ركبوا، ثلاتهم،مطية تشق عباب الازمان والدهور، منذ البدء كانوا إخوانا، لكن عصفت الأهواء بإخائهم، اختلفت سبلهم والمركب واحد، والخصام يشتد يوما بعد يوم. يدعي كل منهم أنه أحق وأولى بالمركب قبل القيادة من الآخرين. على هذه الحال تجري المطية بسرعة لا يستطيعون تقديرها، يستبقون المقود، يتزاحمون على بابه، يختصمون، يشهرون السيوف، يشعلون النار والبارود
كل منهم له زيه الخاص وطقوس خاصة وحتى طعام خاص، حرمها الآخران على نفسيهما حتى وإن عانوا عريا أو ماتوا جوعا. يجمعهم المركب اضطرارا ما دام لا سبيل للحلم بغيره. كان من الممكن أن يتقاسموا مساحته ويلزم كل حدوده، لكن كل منهم يدعي ملكية المركب ولا يحق للآخر ان يتواجد على متنه...
عاصفة هوجاء يا مولاي، ريح صرصر، أنواء"تسونامي"
ـــ ماذا يا شهرزاد؟
ــ عفوا مولاي سمعتك قبل قليل تقول أنك أتقنت لغة واطلعت على ثقافة المستقبل
ــ واصلي...لا يفوتك شيء... إن النوم يغازل جفوني
ــ غازلت العاصفة... عفوا مولاي.. اشتدت العاصفة، أتت على كل ما في المركب، في قاع محيط من المحيطات وجدوا أنفسهم في قمقم يكاد يسعهم، استطاع علي أن يحافظ على ما كان لديه من خبز، أما اسماعيل فشد بيده على "قلة"ماء و أما عيسى فكانت قارورة الأكسجين مربوطة إلى ظهره طيلة الوقت. مع مرور الوقت والقمقم مغلق خشية التسرب استُهلك الهواء داخله، من حين لآخر كان عيسى يسدل الجهاز ويأخذ شهقة يملأ بها صدره، أما الثاني، فياخذ جرعة ماء وأما الأول فاكتفى بالنظر إليهما، ولما ضاق صدره وشح ريقه ألقى بخبزته بينهما، أخذ كل واحد منها قدر جهده دون أن يفكر في غيره.وهم جالسون ينظر احدهم إلى الآخر يشحت بعينه ماء أو أوكسجينا أو هما معا، ما يزالون على حالهم، يضعفون يوما بعد يوم حتى خارت قواهم وعن غير وعي مد كل منهم يده نحو حاجته، لكن هيهات فات الأوان لم يعد في مقدور أي منهم أن يطال حاجته.