صباح الخير أيتها الوردة الجميلة. من فضلك قولي لي، احكي لي ماذا رأيت وسمعت البارحة و بماذا شعرت؟
صباح الخير أيها القادم من أعماق المجهول. سأحكي لك لكن أرجوك، لا تعليق على ما سأقول. رأيت البارحة نجمة تساق إلى سماء لا نجوم بها وقمراً يقوم بنقد ذاتي نادما على كونه قمراً وشهاباً منطلقاً بسرعة شيطانية إلى روح العندليب السعيد وشبحاً يستعد لدخول عالم أحلام طفلة لم تعرف قط وقتاً للراحة لأنها تعمل عند ناس لا تعرف قلوبهم معنىً للرحمة وقنديلا يضيء جوف الكهوف أطفئ فجأة لأن قوى الظلام لا تتحمل نور القناديل عندما تحين ساعة ذبح عذراء الجزيرة المكتنزة وبوماً يحط الرحال بعش عندليب في للحلم بشكل أحسن ونافذة تفتح ويداً ترمي برضيع إلى الشارع.
رأيت رجلا يطرق باباً وهو يدير رأسه يميناً وشمالاً وامرأة تضع حملها على الرصيف صائحة ألا أحد اعتدى عليها وقطا يعلم رجلا كيف يموء بجانبهما كلب لم يفهم لماذا لم يطلب منه الناس تعليمهم كيفية النباح ورأيت وأنا أستعد للنوم رجالا ملثمين يشقون صدر شاعر لسرقة قلبه.
رأيت وسمعت..
سمعت صراخ امرأة يضربها زوجها لحظة المخاض وصراخ رجل تخونه زوجته كل مساء مع طالب يساري وعويل فتاة تغتصب في بيتها للمرة العاشرة ونواح طفلة يفرض عليها أبوها السكير النوم بجانبه وأنين شيخ يخاف الفئران خاصة تلك التي لها أنياب من حديد.
رأيت و سمعت و شعرت..
شعرت وأنا بالشرفة أن قوى الظلام تتواطأ ضدي وأن الشاعر الذي يسكن في الطابق الثاني ندم على كتابة الشعر وقرر أن يصبح جلاداً يعذب القوافي وأن الطالبة المقيمة تحت أقدام مدير الحي الجامعي قبلت أخيرا أن يغتصبها كل أساتذتها المعروفين بجبْنهم أمام أمهاتهم وزوجاتهم وخادماتهم.
شعرت أن العندليب الذي غنى طول حياته لإدخال السعادة إلى قلوب الناس قد غير طموحاته وأصبح يتمنى رئاسة موسم البكاء والحداد وأن الفأر الذي يسكن تحت سرير موظف صغير يحلم كل ليلة أنه طاووس وأن الوردة التي تعيش بالشرفة المجاورة لشرفتي جد حزينة لأنها تشعر بحاسة الورود أن المرأة الجميلة والزوجة المخلصة التي يتحدث الجميع عن أخلاقها تبكي كل مساء لأن زوجها المعروف بفحولته ورجولته وشهامته يبكي بجانبها من بداية الليل إلى شروق الشمس.