كنت من شدة إعجابي بالتمر أستمرئ قذف النخيل بالحجارة كي تعطيني أطيب الثمر!.. غير أني ذات مرة تمهلت وتأملت فوجدتني أنجذب إلى نخلة انجذاباً عاطفياً.. وصارت هناك علاقة قوية بيني وبينها ؛ فوجدتها تبادلني تمراً بحب، وتمنحني التمر بغير الحب أحياناً..
فهي والإنسان يشتركان في كثير من الصفات كالخير والعطاء، ولهما جذع منتصب، وإذا تعرض قلبهما لصدمة قوية ماتا.... أما الشيء الأغرب فهو تساوي عدد الصبغات الوراثية (الكروموسومات) في النخلة والإنسان..
وقد ورد في ترجمة كتاب (الفلاحة النبطية): أن النخل يشبه الإنسان، كأنه في نوعه في النبات شبيه بنوع الإنسان في الحيوان، كما أنه يوجد في النخل (الذكر والأنثى والخنثى) مثل الإنسان تماماً بتمام، كما أن النخلة الأنثى إذا حملت انقطع خروج الفسيل منها، كالمرأة الحامل عندما ينقطع حيضها..!
ولعل التشابه المشار إليه بين النخيل والبشر يبشرنا في المستقبل بتصالح أكبر مع الطبيعة ، خصوصاً ونحن على أعتاب اليوم العالمي للنخيل.. والذي يصادف الحادي عشر من شهر سبتمبر الجاري.
فمن العجيب أن يأمرنا ديننا القويم بالاهتمام بالنخيل ونحن لا نسن قانوناً يقضي بتغريم من يقطع نخلة إسوة بما جاء في تشريع حامورابي!
إن العلاقة الحميمة تجعلنا نأمل في أن يتخلى بعض البشر عن صفات ذميمة تأبى أي نخلة أن تتصف بها.... فلم نسمع يوماً أن هناك نخلة كذبت، أو سرقت، أو غشت، أو ارتشت..!
كونوا نخيلاً لا ينحني للريح.. ممشوقاً باسقاً.. متعففاً عن مرزول الصفات.. عن الأحقاد مرتفعاً.. وإذا قذف بحجر أعطى أطيب الثمر.