قرأت حيادا حقيقيا في بدايات هذا النهار. نهار محايد ينبئ طقسه بالحياد، والخمول، والحزن.
حزن في الصباح؟! أقول لنفسي الحزينة، وأجيب: نعم، هو الحياد الحزين.
أمس أعلن صديقي الكاتب (محمد خليل عليان) إضرابه عن الكلام والكتابة.
قلت له: عن الكلام، لا بأس، أما الكتابة فلا ...لأنها رئتنا ورسالتنا وحياتنا النقية التي نلوّنها كما نشاء.
هناك من أضرب عن الطعام متوحّدا مع المختطفين المضربين ...هل يشملهم الاتفاق؟!
الاتفاق الذي وقّع هذا المساء في معتقل عسقلان حقق بعض المطالب الأساسية، ولوى عنق السجان. لكن لا أنسى بأن (البيت) عاد كما كان، ونحن نقول: الحمد لله، الآن أفضل، أفضل بكثير...بعدما أخرجنا البقرة، والعنزة، والحمار، والكلب ‘عاد البيت يتسع لنا، فيحق لنا أن نتنفس الصعداء ، فالحمد لله، الآن أفضل بكثير...
(طلب الحاخام من أحدهم أن يدخل ما لديه من حيوانات وطيور إلى داخل البيت، وهو الذي جاءه شاكيا ضيقه ...ثم طلب منه أن يخرج كل أسبوع نوعا من المدخلات التي أدخلها ...حتى عاد البيت كما كان أساسا بلا حيوانات. نسي الرجل المسكين مطلبه بتوسيع المنزل ورضي بالحال القائم، وشكر الله على نعمة الهدوء وسعة المكان الذي لم يكن قد اكتشفه سابقا!!!!) الحمد لله ، إذا ...لكن السؤال : لماذا يجب أن يكون هؤلاء المناضلون في المعتقل أساسا ؟؟ الحمد لله ....
(ما تبقى لكم).
توقفت في هذا النهار المحايد عند العنوان (ما تبقى لكم)؛ يقرأ العنوان بمعنيين اثنين وفهمين اثنين؛ لم يتبق لكم شيء،
و : الذي تبقى لكم هذا هو.
محايدا كان هذا النهار؛ شمس، وحرارة، وهواء، ومطر، وإضراب، واتفاق، و.... يوم قبل (يوم النكبة).
النهار محايد، نقل حياده ولا مبالاته إلى عدد من معارفي؛ فلا النهار يعنيهم، ولا الروزنامة تسعفهم. مشغولون بإدخال الحيوانات إلى الغرفة ....ليقولوا بعدها: الحمد لله، الآن أفضل، أفضل بكثير.
عضّ الأصابع ...لعبة الحياة.