عندما شعر باضطراب وجدها تتراقص أمام عينيه، تدعوه بدلال لأن يمارس معها ألاعيب الحرام... بيد مرتعشة خطفها واختلى بها، وما هى إلا دقائق معدودات حتى تحولت إلى رماد، كان يقبلها بين شفتيه بعشق ووله، وما كاد يقضى حاجته منها، إلا وسعل وبصق عليها...!
ذات مساء ابتسمت له ابتسامة صفراء وهى تلفظ أنفاسها الأخيرة وهمست إلى رفيقاتها ال19 بتلك الكلمات التى تشبه اللكمات: لا تتركوه قبل أن تصيبوه بالعلل والأمراض!
نصحه الأهل والأصدقاء بالابتعاد عنهن، إلا أن تلك النصائح تبخرت مع سحب الدخان الكثيف المتصاعد من نار عشقهن، وازداد إصراراً على الاستمرار فى السير على هذا الطريق باستهتار فقد كان يعتقد أن القروش الزهيدة التى يدفعها نظير كل لقاء، هى كل ما يسدده مقدماً نظير متعته اللحظية، وسعادته الوهمية!
فلم يشعر بما يتم خصمه من رصيد صحته ـ التى لا يمكن أن تعوض ولا يمكن أن تقدر بثمن ـ إلا عندما اضطر لزيارة الطبيب، عندئذ اكتشف خداع تلك الغانية التى أعطته حينئذ ظهرها، وتوجهت نحو غر جديد لتوقعه فى شرك حبها وهى (تبغِ) من بغائها التباهى والزهو بقوتها وسطوتها وقدرتها على الإيقاع بضحاياها....!
فهل وصل الإنسان إلى حالة من الضعف والوهن بحيث تصبح تلك السيجارة اللعينة بلفافتها المشبوهة متحكمة فيه، ومسيطرة عليه، ومقيدة لحريته، ومهدرة لطاقته، ومضيعة لماله وصحته؟!
وكيف يدعى القوة، والقدرة، والعقل، والحكمة … من تخدعه، وتأسره، وتلهو به: سيجارة؟!!