حكاية لن ابدأها بكان يا ما كان.. وفي سالف العصر والزمان.. لأنها حكاية انسان يسير في شارع الغربة في قرية تملؤها أشجار الرمان.. تزرع القمح وفتات الكلام في النباتات الصغيرة.. هذه حكاية لا اعرف لها بداية ولا نهاية.. ربما بدأت منذ خلق الإنسان ، لكن لم يروها لي جدي ولا حكوها أجدادي زمان.. هذه حكاية تبدأ كل يوم وأخالها انتهت إلا أنها تبدأ من جديد..
لأكتبها لا تكفيني الحروف العربية، وتتطاير أمامي أوراق الخريف المصفرة تثير الغبار وتحرق جفن عيني.. وعندما اكتب عن سليم تتطاير حروفي عن ورقي.. ويعز علي بياض الورقة ان تخط عليها كلمات ينزفها الألم والحسرة على مستقبل الأمة.. امة الضياع..
وعندما اقرر ان اكتب عن سليم تعز علي نفسي ويؤلمني غدي، غد تكون شمسه كئيبة ...تشرق بائسة وتبكي دموعا ساخنة على امة الكلام..
لا الوم سليم على سلوكه ولا الوم الأم والأب والزمان والمكان.. ولكني الوم القدر الذي جمعني بأمة تعشق الكلام.. امة لا تصحو ولا تنام.. امة تعلق آمالا على حافة البئر. امة لا تنظر إلى نفسها لأنها لا ترى أمامها إلا الطعام وبعض رفات الكلام، لا يشبع إن كان زاد.
لن اكتب عن سليم تقريرا او بضع كلمات لأني لا اقدر.. لا اقدر ان اصف كيف يكون الليل الهادئ السكين عندما تشوهه أصوات الصواريخ.. لا استطيع ان اصف سليما وسلوكه إلا عندما يكون لليل ما هو بديل... لان كلام الماء كذب.. والنهار كذب .. وبزوغ الفجر كذب كذب..
فعندما سمعت صوتا يهاتفني من بعيد ويصرخ : ان خرير الماء باطل باطل..
إن كلامك باطل باطل.. ان السماء والضياء تقول انك خرساء خرساء..
ويرن الصدى مرة أخرى يهاتفني: إن البحر يقترب بأمواجه وسيسحق حجارة المكان سحقا.. سيفتت صخر البركان.. ويدوس ازهار البستان ويملأ الفراغ دخان...
وانأ اسمع وانبهر وتغادرني حينها كل الكلمات.. وأقول لا وقت لدي يا صوت الريح.. اني بانتظار امواج البحر ها أنا بالمكان.. انا جبل لا يجرح الريح دمع عيني
ولا يشوه النهر بعض العشب الذابل.
أشفق عليك يا سليم.. لا الوم سليما بل ألوم قدر الإنسان..