استفقت هذا الصباح على صوت أحدهم يطرق بابي. تساءلت من يكون في مثل هذا الوقت المبكر. وضعت وشاحا حول عنقي وقاية من برد الصباح وفتحت الباب. أحدهم في منتصف العمر يقف في الخارج. وبدون أن يتمنى لي خير الصباح أو أتمنى له ذلك، قال وهو يشد بيديه على أطراف بدلته القصيرة:
"أنا مُقدَّمْ الحي، لقد توصلنا بشكاوى عدة من الجيران تفيد بأنك تخدش حياء الجوار وأنك تستفز الساكنة عندما تصطحب معك تلك ال.......فتاة".
تنهدت عميقا عندما لم يلفظ كلمة أخرى قد تثير غضبي، ثم استدركت الأمر:
"أتقصد السيدة التي ترافقني أحيانا سيدي؟!!!"
"سمِّها كما تشاء...، إن كنت تريد العبث، فابحث لك عن مكان آخر... ،إن قائد المقاطعة السابعة سيجبرك على الرحيل وقد يدخلك السجن إذا ما تماديت في تصرفاتك".
وكما قدِم أول الأمر، انصرف في عجالة دون أن يترك لي فرصة لكي أشرح أمري...
عدت إلى فراشي أهز رأسي وابتسم ساخرا. وأنا أتأمل كيف يحشر البعض أنوفهم في بطون الآخرين، سرق النوم جفوني فزارني حلم غريب؛ أراني أجوب الشوارع يوما بعد يوم، شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة. خمسة وعشرون سنة وأنا أسير نحو المجهول، أبحث عن مكان قرب الأروقة الخالية، أشد كل يوم غطائي ثم أمشي بدون أن أصل لأي نقطة وصول... في ركن غرفة عتيقة، أرى نساء وفتيات يعصرهن الألم وأمٌّ تصرخ، تشدُّ بظهرها على الحائط و تتسلق بيديها حبلا تدلى من السقف، وأرى رجلا قلقا يمشي معقوف القامة ويديه موثوقتين خلفه دون أن يعبأ بطفل مرتعب يشده من جلبابه ويجوب معه بهو البيت العريض...
رن الهاتف وأوقف شريط أحلامي الحزينة. بسطت يدي أبحت عن النقال ثم فركت عيني وتلمست أزرار التشغيل لأطلع على محتوى الرسالة:
"أريد أن أكون أول من يقدم لك التهاني بمناسبة عيد ميلادك المجيد، إلى أن نلتقي، حبيبي، أتمنى لك العافية و العمر المديد..."
- الجثمة حالة نفسية تتجسد في شكل حيوان خرافي بشع، مرعب ومخيف، يجثم أثناء النوم على الصدور فيحدث حالة اختناق حاد.