صديقي سي عبد السلام الرهوني كنت ناﻓﺫته على عالمنا السفلي يرى من خلالها عبثية الحياة وأوساخ المكان وكان لي هو ناﻓﺫة لرؤية ما في جعبة السماء من خير وما في الفردوس من شعر وجمال.
نعم الناﻓﺫة ونعم المرآة كان لي. من ناﻓﺫته كنت أتفرج على رقصات الملائكة وعنادل الجنة. ومن المرآة كنت أغوص في أعماق روحي لا أغادرها ﺇلا بعد هزم نيران الشياطين.
سي عبد السلام كان لي هدهدا يأتيني بالخبر اليقين ﻹغاظة الغراب الذي كان يسكن بداخلي ودواخلي ويعيث فسادا وقبحا في عالم أحلامي. تعرفت عليه بثانوية الأيوبي بسلا سنة 1972 وهمي ﺇضرام النار في قلبي ونجوم سمائي. وغادرني بعد ثمان وثلاثين سنة ولا هم لي ﺇلا ﺇضرام القصائد في الأنهار والبحار.
هو الآن في القبر وسط شموع ودموع فرح الملائكة يقضي وقته كعادته في السفر من كلمة إلى كلمة ومن سورة إلى سورة ومن سماء إلى سماء إلى أن يصل إلى حيث الأنبياء والرسل. فزغردي يا زهرة ويا شمعة. زغردي يا شمس. وحتى أنت أيها القمر أرقص وزغرد فها هو سي عبد السلام قادم على صهوة ﺇيمانه للعيش بجانبك وﺇنارة الطريق أمامك حينما ستجد نفسك وحيدا ﺫات ليلة ظلماء لا أنيس لك ولا نور.
أما أنا فحين سيداهمني الحنين، وسيداهمني، إلى رائحة صديقي ﻓﺇني سأقصد الوردة للجلوس بين وريقاتها للاستمتاع بعطرها وﺘﺫكر زمن كان فيه عطر سي عبد السلام عنوان زماني ومكاني وموسيقى أيامي .
*سي عبد السلام الرهوني كان عالما من علماء مدينة سلا قضى أربعين سنة في التعليم. تقاعد سنة 1991 للتفرغ لشرح القرآن والحديث الى أن توفي رحمه الله في 3 صفر 1431 // 5 فبراير2010.