اتحدت ساعة يدى وساعة الحائط لأول مرة منذ سنوات عديدة، وهمست دقاتها
على باب قلبى فاندفعت إلى شرفة غرفتى ورأيت حبيبى ثم اغمضت عينى كى لا تتوه الذكرى ...........
...هذا الوجه ..... هذا الجسد ... هذه اليد .........هذا الكيان الحى ..
أحببته منذ عامين ...بل منذ ألف عام ... ربما أكثر . .كنت أتراجع أمام حزن عينيه ..وددت لو أظل عمرى كله أصلى صامتة أمامه، لكنى تحولت إلى تمثال حى متدفق نابض أمامه . تعاهدنا بعدها ولم نفترق .
كان الجو الشتوى رائع البرودة , وكان قلبى يتراقص فرحا ويكاد يسبقنى على أرضية سلم البرج . ...وكانت عيناى تبحثان لاهثة فى وجوه كل الرجال الواقفين يطلون من أعلى البرج .
عدت إلى ساعتى وجدتها بطيئة الخطى كالقبر ... وددت لو حطمتها وصنعت بدلا منها توقيتا خاصا أفرضه على البشر ..... تركتها واحتضنت السياج الحديدى فتسربت برودته إلى ناعمة عنيفة ..... فانتفضت وحيدة شاردة ضائعة ... أخرجت زفرة ساخنة ثم كورت يمينى وقذفت بها فى شمالى وخطوت لأتأمل أقدار البشر واتأمل معها السائرين فى الأسفل .
شعرت بيد ساخنة تمسك بكتفى وتنزعنى من غابتى الموحشة ...... فالتفت لأجد حبيبى ... تحولت بين يديه إلى طفلة ........إلى تمثال من الصلصال الحى ..... ل ك ن حبيبى عاد ولم يعد ......ظل صامتا حائرا ....مددت يدى إليه وتحسست دروبه , تشممت هواء رئتيه . وفى الغد وجدته معها ماتصقا بها .....
جف الصلصال الحى ...... وبكت الطفلة
..اندفعت للحائط وضغطت أنفاسى وامسكت بقلبى النازف ... نبتت ألف صبارة فى الضلوع . وماتت بجانبها شجيرة الورد .. وعدت أنا للبرج انتظر اللأشئ وصعدت لآخر درجاته .التهمت آلاف الأعوام من عمر التاريخ . انتفخت رئتاى ..سال لعاب الشهوة .. نمت جذور الرغبة . وقررت أن اصعد أكثر ..
وأكثر . إلى آخر حدود الشمس .