تنتظر آذار. تعني أواخره. أواخره الصديقة التي تنبئك بأن مزاجاً جديداً قد حل. تنتظر آذار. لم تشعر نحوه من قبل بلهفة كالتي تخالجك هذه الأيام. ولا علاقة لمشاعرك هذه بأية ذكريات خاصة، أو طقوس احتفالية موروثة.
تنتظره فحسب. تعني أواخره الصديقة، التي قالت لك بأنها ستأتي. وأنت تثق بوعدها.
كم طال غيابها!
مرت شهور، وأسابيع، وأيام، وساعات طويلة مذ كنتما معاً. وها أنت تنتظر. تحصي الوقت المتبقي والكلام الذي ستقوله.
ستحدثها عن البرد العدائي الذي أرغمك على الإنزاوء والصمت، وعن أشياء كثيرة ادخرتها في ليالي الشتاء. وستحدثها أكثر،عن حاجتك المبرحة إلى الدفء، كما لو أنك طفل ولد للتو. ستسألها بحنان ألَّا تذهب- كعادتها- وتتركك. وستخبرها عمن أحببتهم، لكنهم ذهبوا كما تذهب الأوقات السعيدة، وكما يذهب عطر المحبة الذي ألفناه على الصدور والأيدي الحميمة الدفيئة.
ذهبوا؟
ما ذنبهم؟
لم يروا تلويحة يدك المنادية، ولا سمعوا أنين شوقك الكليم. وبقيت وحدك.. ورغم النار التي تأجج في قلبك، ظل الصقيع يحاصرك. وما من أحد يكترث لك أو يدري بحالك. كفلاة نائية، تبكي على أطلال عافية ما عادت تمر بها القوافل.
تنتظر آذار. أواخره الصديقة التي وعدتك وقالت لك أنها ستأتي. ستلاقيها بفرح. وتحدثها عن البرد والدفء، وكم طال انتظارك.
كأنك تعترف..
ماذا؟
هذه مواجع، وليست كلاماً للنشر..
يا إلهي! ما الذي فعلته!؟
سأمزق ما كتبت.