يحكى أن في في حاضر الزمان، زمن العلم والعولمة، زمن العلماء المعولمين، زمن الذيول المتعولمينن، زمن العارفين بالقوة ومكامنها والقدرة ومصادرها، بلغتنا يعرفون من أين تؤكل الكتف، زمن الأذناب، انحصرت وظيفتها في مهمتين ؛في سحق ذبابة أو باعوضة أو حشرة جذبتها ريح أبعار فسعت تبغي منها طعاما، وفي الذب عن حياض عورة الأنوثية دون الذكورية تحرمها حقها الطبيعي، يعيش شيخ، له من الأبناء ما يعجز عن استيعابه سجلات الحالة المدنية. اختلط عليه أمرهم حتى عاد لا يميز إلا أبنائه من الحرائر، أما نسله من الجواري ومن الإماء فلم يلحقهم بالنسب وهم الدهماء.
أينما حل، تصاحبه صهاريج السباحة والرياض والجنات وآبار الحقول الناشطات والطاقة محمولة على كاهل أبنائه يمشون حفاة يقطعون خمائل البؤس وأدغال الجوع. وكلهم عورات، فقرهم جهل، جهلهم ضعف، ضعفهم ضيق أفق، وضيق أفقهم سجن، وفي أودية سجنهم يعمهون. يطعمون من أمل في الغد. بالمنى يسترون العورات، يشقون شقاء عبيد الفرعون يشيدون الأهرامات. يبنون ناطحات سحاب من بلور وزجاج، يشقون الأنهار في الصحراء، يزرعون جزرا، ينبتونها في المحيطات والبحار كالفطر منتجعات. له كتاب أسود يقرأه الشيخ والرضيع، والأعمى والبصير، يلتزمون بالتعليمات...
يدمن على التنقل بين عواصم الشقراوات، وكم دعوات لهن يوجه يستزيرهن مرعاه. حال صبي فقير زاره من العائلة أنداد له ينعمون بالنظافة ورقة البشرة و إشراق الوجه تمنى لو أسكنهم دواخله، يدفع عنهم كل ما حاول الاقتراب منهم، يقدم لهم أغلى ما لديه من أشيائه وهم عنها عارضون يستفزونه فيحاول أن يوفر لهم ما يرضيهم، وهم في صمتهم ولامبالاتهم المزعومة يخططون ويرسمون.
ــ أعط شقراء الغرب سرة من الآبار عليها أكاليل من بنات المحار ــ أعط شقراء الشمال قصر مونريال، وانثر حوله حراسا من رعايانا على أمنها يسهرون ــ يا مالك رقي هل أعطي شقراء الجنوب شيئا؟ ــ وهل في الجنوب شقراوات يا مغفل؟
في سره. كنت أختبر هل أنت كاو ــ يا والدي، نقيق ضفادع، أنهك من بطني الجدار، رجاء اسعفه بكسر دينار ! وتحت رجلي الحافية أشواك ولظى الجمار، فهل لي من دثار !؟ ــ يا والدي ألا يمكن أن أحظى بكسر ضئيل مما تغدقه على الشقراوات؟ ــ ألا ترى أيها العاق أن كل ثرواتنا قيد يدك؟ (ينظر إليه شزرا) ــ أجل أيها الإله(يرتجف من الخوف)، نحن نمر بأزمة، وكاهلنا أثقلته بالديون (وهو ينظرإلى العصا تقترب منه) ــ لا تتسرع إن بإمكانك الانتظار حتى أصرف العملة فلا زلت أنتظر إذنا من أسياد ذوي أورو ودولار
إذ لايجوز أن نقدم على هذا الأمر الجلل دون ترخيص من أولياءنا الصالحين الكبار، وهذا أذنى ما يقتضيه الاحترام. ونحن أمة "إن أخلاقها ذهبت ذهبت"و نحن لا نسمح بهذين الذهابين كما نسمح بذهاب الذهب.
وكانت الشقراوات صعبة الانقياد، كثيرات العناد، لا يستفزهن إغراؤه، ومع ذلك كن يجاملنه ويبدين له من مزيف التقدير والمحبة. طال الزمان وهو يعيش على أمل أن يحظى بتقبيل شقراء. طوال الزمان يشحذ ريح قبلة، يدنين منه الشفاه ثم يسحبنها فجأة. يقلدن التقبيل البوليودي، حتى ترسخ لديه الاعتقاد أن ريح فمه غير طيبة. كانت فرصة ليطلب طبيبة أنفاس شقراء، وصفت له من المواد المطهرة ما استعمله لفترة طويلة، وهو دائما يأمل أن يحظى بالقبلة الحلم. وبعد وقت أخذ يظهر على أسنانه اسوداد، أخذت الشقراء تحقنه بيديها، يستطيب الحقنة، يرتاح لوخزتها، وكأن ريحها مخدر طبي. حتى أصبح فمه ك"الرياج "وقد أصابت النار من جوانبه. وهو مع ذلك واثق في العلاج ما دام من وصف الشقراء. يتباهى مزهوا، حسبه فخرا ملازمة الشقراء له، أما الأسنان فلتصل الجحيم، في أسوإ الحالات ستزرع له الشقراء طاقم أسنان، وهي فرصة إضافية يستغلها في التملق للشقراء، ومن يدري قد تجود عليه بنية التقبيل مقابل جود حاتم. والحلم بالقبلة يزداد. طلب إحضار طبيبة للأسنان شقراء، تحقنه كل يوم وكل يوم يفقد سنا يسال الطبيبة ببساطة:هذه احدث تقنية. ؟ وفمه كالرياج يتباهى مزهوا يكفيه شرفا أن يحظى بطبيبة شقراء. لا يهم مدى احترافها أو ادعائها لا يرى غير عنوانها لا يتفحصه لا يريد أن يعرف أهو مستحق أم مزور. أسنانه تحظى بالاستفادة طالت العدوى أنفه. . . جيء من لندن بأخصائية خدود. . . طال المرض عيونه. . . جيء من واشنطن بأخصائية نهود. . . فقد ملامحه. . . جيء له من باريس بحقيبة. . . فقد عقله وهو يهذي بوسه. . قبله. . كيس مي. . . ألبسته الشقراوات وجها اصطناعيا. . . احتقبنه، وسيق إلى "الإيلزيه"وحوله من ذوات العيون الزرق ما لا يحصى من الطبيبات، يتندرن، يتحلقن حوله والصفعة تلو الصفعة على الأرداف والخدود والقفا. . .