في أزقة النّفس سراديب وشعاب....وصخور فيها نتوء....تجرح الرّوح... وتدمي الفؤاد. للرّوح فصولها...وللنّفس مناخها..وبين هذا وذاك...تثور عاصفة وتتمرد مروج فبين الحّلم والحقيقة تتأرجح عصا الواقع...في فراغ فارغ إلاّ من أمنيات وتمنيات
وكان صوت المذيع يقول: النّشرة الجويّة، أمطار غزيرة وعواصف ثلجيّة وأردف، النّشرة النّفسيّة: رغم المطر والضّباب...هناك دفء يأتي بين القطرات، فلا حاجة لمظلّة لا ولا قبعة إخفاء. في زحمة السّاعات تتراقص الدّقائق وتلسع العقارب ويكون للزّمن ذكرى وأية ذكرى، فهي أيّام وتمرّ لأراني أتوه بزمن لا أدري منه إلاّ ما لا أدريه.
وعلى رأس السّاعة مرّة أخرى بدقائق معدودة كانت النّشرة الجويّة: برد وعواصف في الشّمال. النّشرة النّفسيّة: لا تمنعوا العصافير من الهجرة إلى الجنوب حيث الدفء والأمان. فمعطفنا الآمن سرّ دفئنا وسر حبّنا لبرد قارس.
في ذاك الشّاطئ طفلة تلهو بالرّمل ترسم بأصابع الطّفولة قصّة الغد.
وعلى الشّاطئ الآخر شيخ يمحو باصابعه قصّة الأمس وبين الغد والأمس تتناثر حكايات وحكايات. فلا تقصّوا شريط ذكرياتكم.....بل اجعلوه سياجًا لأحلامكم.
وغاب نهار آخر..كيف يغيب النّهار وسط النّهار فها هو سيسلّم أوراقه لليل ويتبادلا الوظائف، وتمضى الأيّام..نهار يعقبه ليل..ليل يعقبه نهار..وتمضي الأيّام سريعة تسابق الريّح.
وتجولت تيماء كطفلة مراهقة ركضت وراء حبّة حلوى مليئة بمسكر أكلتها وتابعت ركضها فوقعت ثملى بين عويل أمّ وضجيج ميتم يعدّ لها مكانًا آمنًا في عيون المشردين.
ثمّ استفاقت من حُلم لتغط في حُلم آخر ولسان حالها يهمس..
لا أعرف....ولن أعرف...لماذا اختارني ذلك الطّفل البرئ
على ذلك الشّاطئ المزدحم بالملايين لأغوص معه ليحضر طابة صغيرة تتبرج بألوان الطّيف... وأنا التي لا تعرف فنّ السّباحة....فكيف سأتصرف في الغوص.
وتابعت بفكرها الصّمت وصمتها الصّارخ
وراء كلّ لحظة سعيدة....حكاية جديدة
ووراء كلّ حكاية....شخوص وتأزم وانفراج
وبين الحكاية والحكاية.....تتوارى حكايات.
وكتبت على رمل ذكرياتها...
أنت لا تنقصني......أنت تملأ جانبًا ناقصًا في حياتي.
وخاطبت البحر...عذرًا أيّها البحر....أحبّك ولكن أخاف من مدّك وجزرك
نظرت لذات نفسها وإذ ذاك هبّت عاصفة ثلجيّة...فتوارى الرّمل والمعنى ونثر الملح جزيئاته على جرح لا يستكين.