كنت أحلم أن يهديني هو بالذات تلك الوردة التي شربت من دموعي حتى كبرت، تمنيت أن يقدمها لي هدية تعبيرا عن حبه أو افتخاره، وحلمت أنّي وضعتها بين صفحات رواية حب، لتأخذ لونها الخريفي المعتَق، تخيلت يوما أنها تحكي قصة موعد يجمعنا على طاولة في مكان يطل على بحرك الموعود لتقدمها هدية لتبارك هذا الحب.
أذهب لذلك المكان على نفس الطاولة في نفس الموعد الموهوم، أجلس ساعات منتظرةً قدومك.. كنت أضيع الوقت بالوهم، وأشعل نفسي أحيانا أخرى بعشاق حالفهم الحظ هذه المره وفي المرات القادمة، والتقى كلٌ بنصفه المكتمل،ها هنا حبيبي تلك الوردة وذاك القلم ينتظران قدومك لتتوج بهما تاريخ لقائنا الحافل، وها هي الوردة تتفتح شيئا فشيئا وها هو قلبي يخفق فرحا استعدادا للقائك الوهمي للمرة الألف، وها أنا ككل المرات أحضر لذات المكان وأجلس على تلك الطاولة الصغيرة التي تذكرني بحب وهمي.
أُعدُّ أغراض رحلتي الخالية؛ قلم ووردة وكل الكلمات المشتعلة، هذه الطاولة التي أجلس عليها أجدها خاليةً من المشاعر والعبارات، أنظر حولي؛ كل المقاعد مشغولة إلا مقعدك البارد ينتظر قدومك، وأنا على يقين أن هذا المقعد يفكر مثلي تماما و تراوده أفكارا غريبة، هل هذه المرة سيتحرر من عبودية النسيان ليأتي قريبا ؟ وهل سيكون هنالك طاولة أخرى يجلس عليها آخر ينتظر قدوم حبيبة وهمية لم تسعفها ذاكرتها لتلبية رغبة عاشق ينتظر؟ هل هناك من هو مثلي كتب على تلك الوردة التي انضمت بافتخار لتلك الوردات اللآتي سبقنها في الاختباء بين طيات تلك الرواية الوهمية خالية المشاعر لتطوي موعدا جديدا ذهب وموعد جديد لن يأت؟ تلك الرواية والوردة وذاك القلم لن يأتِ أيّا منها بعد لموعد جديد، فالرواية تعبت من حمل بستاناً من الورود بين طياتها ولم يعد هناك من يرويها، والقلم وصل لسن التقاعد ولن يستطيع الكتابة بعد الآن لأنه لم يعد يعي إلا الصمت وأنت يا وهمي الأبدي لن تتذكر ذلك الموعد ولا تنسى أن تحتفظ بتلك الزهرات الوهم لتضعهن على قبر تلك التي انتظرتك طيلة حياتها لتحفل بهن في مماتها، وداعا حبيبي فلم يبقى عندي إلا الصمت، حتى الإنتظار غلَفه الصمت ولن أنتظر فصمتي يقابله صمت...