أبو الهذيل العلاف
135- 235 هـ
ورد في كتاب “سير أعلام النبلاء” للذهبي:
” رأس المعتزلة أبو الهذيل محمد بن الهذيل البصري العلاف صاحب التصانيف الذي زعم أن نعيم الجنة وعذاب النار ينتهي بحيث إن حرمات أهل الجنة تسكن وقال حتى لا ينطقون بكلمة وأنكر الصفات المقدسة حتى العلم والقدرة وقال هما الله وأن لما يقدر الله عليه نهاية واخرا وأن للقدرة نهاية لو خرجت إلى الفعل فإن خرجت لم تقدر على خلق ذرة أصلاً وهذا كفر وإلحاد وقيل إن المأمون قال لحاجبه من بالباب قال أبو الهذيل وعبد الله بن أبان الخارجي وهشام بن الكلبي فقال ما بقي من رؤوس جهنم إلا من حضر.
ولم يكن أبو الهذيل بالتقي حتى لنقل أنه سكر مرة عند صديقه فراود غلاماً له فرماه بتور فدخل في رقبته وصار كالطوق فاحتاج إلى حداد يفكه.
وكان أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل تلميذ واصل بن عطاء الغزال.
وطال عمر أبي الهذيل وجاوز التسعين وانقلع في سنة سبع وعشرين ومئتين ويقال بقي إلى سنة خمس وثلاثين.
أخذ عنه علي بن ياسين وغيره من المعتزلة”.
ورد في “وفيات الأعيان” لابن خلكان:
أبو الهذيل محمد الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي، المعروف المتكلم؛ كان شيخ البصريين في الاعتزال، ومن أكبر علمائهم، وهو صاحب مقالات في مذهبهم ومجالس ومناظرات، وهو مولى عبد القيس.
وكان حسن الجدال قوي الحجة كثير الاستعمال للأدلة والإلزامات. حكي أنه لقي صالح بن عبد القدوس، وقد مات له ولد وهو شديد الجزع عليه، فقال له أبو الهذيل: لاأعرف لجزعك عليه وجها، إذ كان الإنسان عندك كالزرع، قال صالح: ياأبا الهذيل، إنما أجزع عليه لأنه لم يقرأ كتاب الشكوك فقال له: كتاب الشكوك ما هو يا صالح؟ قال: هو كتاب قد وضعته من قرأه يشك فيما كان حتى يتوهم أنه لم يكن، ويشك فيما لم يكن حتى يتوهم أنه قد كان، فقال له أبو الهذيل: فشك أنت في موت ابنك، واعمل على انه لم يمت،وإن كان قد مات، وشك أيضا في قراءته كتاب الشكوك وإن كان لم يقرأه.
ولأبي الهذيل كتاب يعرف بميلاس وكان ميلاس رجلا مجوسيا فأسلم وكان سبب إسلامه أنه جمع بين أبي الهذيل المذكور وجماعة من التنويه، فقطعهم أبو الهذيل، فأسلم ميلاس عند ذلك.
وكان قد اجتمع عند يحيى بن خالد البرمكي جماعة من أرباب الكلام فسألهم عن حقيقة العشق، فتكلم كل واحد بشيء، وكان أبو الهذيل المذكور في جملتهم، فقال: أيها الوزير، العشق يختم على النواظر ويطبع على الأفئدة، مرتعة في الأجسسام ومشرعة في الأكباد، وصاحبه متصرف الظنون متفنن الأوهام، لايصفو له مرجو ولايسلم له موعود، تسرع إليه النوائب. وهو جرعة من نقيع الموت ونقعة من حياض الثكل، غير أنه من أريحية تكون في الطبع وطلاوة توجد في الشمائل، وصاحبه جواد لايصغي إلى داعية المنع ولا يصيخ لنازع العذل. وكان المتكلمون ثلاثة عشر شخصا، وأبو الهذيل ثالث من تكلم منهم، ولولا خوف الإطالة لذكرت كلام الجميع.
ورأيت في بعض المجاميع أن أعرابية وصفت العشق، فقلت في صفته: خفي عن أن يرى وجل عن أن يخفى، فهو كامن ككمون النار في الحجر: إن قدحته أورى وإن تركته توارى، وإن لم يكن شعبة من الجنون فهو عصارة السحر.
وكانت ولادة أبي الهذيل سنة إحدى – وقيل أربع، وقيل خمس-وثلاثين ومائة. وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائتين بسر من رأى؛ وقال الخطيب البغدادي توفي سنة ست وعشرين، وقال المسعودي في كتاب مروج الذهب: إنه توفي سنة سبع وعشرين ومائتين، رحمه الله تعالى، وكان قد كف بصره وخرف في آخر عمره، إلا أنه كان لايذهب عليه شيء من الأصول، لكنه ضعف عن مناهضة المناظرين وحجاج المخالفين، وضعف خاطره”.