أما النوع الثاني من أدوات الشرط غير الجازمة ، فيطلق عليه أدوات الشرط غير الامتناعية ، أي : أن الشرط في هذا المقام لا يفيد الامتناع كما هو الحال في " لو " وأخواتها ، وإنما يفيد مجرد التعليق ، والربط بين جملتي الشرط والجواب ، مثله تماما مثل أدوات الشرط الجازمة .
وأدوات الشرط غير الجازمة الامتناعية هي : ـ
إذا ، أمَّا ، لمَّا ، كلَّما . وإليكها بالتفصيل .
* إذا : أداة شرط غير جازمة لما يستقبل من الزمان ، تفيد الربط بين جملة الشرط ، وجوابه ، ولا يليها إلا الفعل ظاهرا ، أو مقدرا .
فمثال مجيء الفعل بعدها ظاهرا قولهم : إذا حضر الماء بطل التيمم .
ومنه قوله تعالى : { إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور }3 .
وقوله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول }4 .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ 57 الصافات . 2 ــ 64 البقرة .
3 ــ 7 الملك . 4 ــ 1 المنافقون .
وقوله تعالى : { إذا رأيتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا } 1 .
ومثال مجيئه مقدرا :
قول الشاعر :
إذا المرء لم يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
ومنه قول أبي فراس الحمداني :
إذا الليل أضواني بسطت له يد الهوى وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
ومنه قول المتنبي :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ومنه قول بشار بن برد :
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ضمئت وأي الناس تصفو مشاربه وعندما يجيء الفعل بعد إذا مقدرا يلها اسم ظاهر ، أو ضمير ، كما في الأبيات السابقة ، وعندئذ يعرب الاسم ، أو الضمير فاعلا لفعل محذوف يفسره الفعل الظاهر ، وقد استحسن النحاة هذا الوجه . وقد أجاز سيبويه إعراب الاسم ، أو الضمير الواقع بعد " إذا " مبتدأ ، إذا كان الخبر فعلا ، وأجاز الأخفش ، وابن مالك وقوع المبتدأ بعدها بلا شرط .
* أمَّا : أداة شرط غير جازمة ، تفيد تفصيل الجمل وتوكيدها ، وتطلب جوابا لنيابتها عن أداة الشرط " مهما " وفعلها ، وتلزم الفاء جوابها ، ولا يليها إلا الاسم سواء أكان مبتدأ ، نحو : أما عليٌّ فمجتد ، وأما أحمدُ فمؤدب .
ومنه قوله تعالى : { وأما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر }2 .
وقوله تعالى : { أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب }3 .
ـــــــــــــــــــــ
1 ــ 12 الفرقان . 2 ــ 79 الكهف .
3 ــ 41 يوسف .
وقوله تعالى : { وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين }1 .
ــ أو خبرا نحو : أمَّا حاضر فمحمد .
ــ أو مفعولا به تقدم على فعله . نحو : أما المجتهد فيكافأ ، وأما ألمهمل فيعاقب .
ومنه قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر ، وأما السائل فلا تنهر }2 .
ــ أو جارا ومجرورا . نحو : أما لفعل الخير فنعم ، وأما لغيره فلا أفعل .
ومنه قوله تعالى : { وأما بنعمة ربك فحدث }3 .
* لمَّا : أداة شرط غير جازمة تفيد التعليق ، وتختص بالدخول على الأفعال الماضية ، مبنية على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية بمعنى " حين " .
نحو : لما حضرت والدي الوفاة أوصاني بتقوى الله .
ونه قوله تعالى : { فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه }4 .
وقوله تعالى : { فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما }5 .
وقوله تعالى : { فلما أخذتهم الرجفة قال ربِّ لو شئت أهلكتهم }6 .
* كلما : أداة شرط غير جازمة ، مركبة من " كل " ، و " ما " المصدرية ، نائبة عن الظرف الزماني في محل نصب ، تفيد التكرار ، ولا يليها إلا الماضي شرطا وجوابا ، والعامل فيها جوابها .
نحو : كلما سألني المعلم أجبته على سؤاله .
ومنه قوله تعالى : { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها }7 .
وقوله تعالى : { كلما خبت زدناهم سعيرا }8 .