حديث بئر ذات العلم للامام علي عليه السلام
وأقرّ بالنصر عينيه إذ دخل أرضاَ مقفرة وبراري مقبرة ذات طرق دارسة وأشجار يابسة وأنهار طامية ليس فيها حسيس ولاأنيس إلا زعيق الجان وعوي الغيلان ولايوجد فيها راهب ولايهدى فيها ذاهب فاشتد على المسلمين الحر وعظم عليهم الأمر وقلّ منهم الصبر فعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : معاشر الناس من منكم يعرف هذه الأرض؟ فقام إليه عمرو بن أمية الضيمري وقال: أنا أعرف هذه الأرض تسمى وادي الكثيب الأزرق يضل فيها الدليل ولا يوجد فيها ظل ولا ظليل لايدخلها ركب إلا برك ولا جيش إلا هلك لايدري أين طريقها خلية من الإنس عامرة بالجن يقوى فيها الغيلان ويتحير الإنسان قال: فلما سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك وسمع المسلمون أيقنوا بالهلاك ثم لاذوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستجيرين به وقد حمى الهجير واسود البر من عظم وهج الحر فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من يعرف فيها بئراَ أيها المسلمون وأضمن له على الله الجنة؟ فعندها قال عمر بن أمية الضميري: هاهنا يارسول الله بئر يقال لها بئر ذات العلم وفيه ماء أبرد من الثلج إلا أنه لايقدر عليه أحد لأنه بئر معمور من الجن والعفاريت المتمردين على سليمان بن داود عليه السلام يمنعون الماء على الناس بلهيب النيران وعواصف الدخان مانزل به ركب إلا أهلكوه ولاجيش إلا أحرقوه وقد نزل به التبع اليماني فأحرقوا من عسكره عشرة آلاف فارس ونزل به برهام بن فارس فهلك من عسكره خلق كثير ونزل به سعد بن ببرزق فأهلك من عسكره بقدر عشرين ألف فارس وأن جماجم القتلى حوله يارسول الله كبيض انعام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ثم إنه نزل وأمر المسلمين فنزلوا وضربوا خيامهم والأرض ماتزداد إلا حرا وهم مع ذلك عطاش فعند ذلك نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: معاشر الناس والمسلمين من يمضي إلى هذا البئر ويكشف لنا خبره وأضمن له على الله الجنة؟ فقام أبو العاص بن الربيع فقال: يارسول الله صلى الله عليك إني به عارف وقد نزلت عليه ونحن في خلق كثير فلم نقدر عليه وخرجت علينا عفاريته فما سلم منا إلا من سبق به جواده ولكنا ذلك اليوم كنا نعبد الأصنام واليوم قد هدانا الله بك ياخير الأنام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت لها يا أبا العاص شكر الله لك مقالتك وقوى لك عزيمتك ثم امر له بالمسير وضم إليه عشرة من أصحابه منهم أبو دجانة الأنصاري وقيس بن سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وعبادة بن بشير وثابت بن نحيس وعمرو بن أمية الضيمري وغيرهم ثم ساروا وأخذوا معهم عشرين من المطايا عليها القرب والروايا ودنوا من البئر وهم يكبرون الله ويهللونه ويصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما قربوا من البئر وإذا بعفريت قد خرج إليهم كانه النخلة السحوق وعيناه تتقدان كأنهما جمرتان والنيران تخرج منها ثم إنه تطاول حتى بلغ السحاب وصاح صيحة اعظم من الرعد فتزلزلت لها الأرض قال: فعرضنا على أن نهرب لما دخلنا من الرعب فقال لنا أبو العباس: يا إخواني من الموت تفرون وأنتم إلى اله صائرون ارجعوا إلى رحالكم ودعوني وهذا العفريت فإن ظفرت به فهو المراد وإن ظفر بي فانجوا لأنفسكم سالمين وأبلغوا سلامي على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم إن أبا العاص جرد سيفه ودنى من العفريت وأنشأ يقول:-
نحن سلالات المعالي والكرم ***** وأولياء الرحمن سكــان الـــحرم
أرسلنا محمد تـاج الأمـــــــم ***** المصطفى المختار مصباح الظلم
لنستقي من بئركم ذات العلم ***** ونقـــتـل الجــان وعــباد الـــصـنم
عند ذلك نادى العفريت أما علمت أن في هذا البئر الملوك العاتية والعفاريت المقردة أما علمت أن سليمان بن داود تمردنا عليه وقتلنا قوم عاد وغيرهم من الأمم السالفة ومامر علينا أحد إلا أهلكنا فقال أبو العاص: ياوليك ليس نحن كمن لاقيت نحن أنصار الله وأحزاب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فارجع ياويلك خائباَ مدحوراَ فلابد من ورود هذا البئر وشرب مائه فإن أجبتم طائعين وإلا أجبتم كارهين وأنشأ أبياته فما استتم أبو العاص كلامه حتى صرخ به العفريت صرخة عظيمة رجفت منها القلوب وارتعدت منها الفرائص ثم إنه أرخى عليه كلكه فأحرق العفريت أبو العاص قال قيس بن سعد: فسمعنا أبا العاص يقول: بلغوا سلامي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فولينا هاربين فلما سمعنا العفريت عاد إلى البئر دنونا من أبي العاص وإذا هو فحمة سوداء فوقفنا نبكي عليه وإذا نحن بأصوات هائلة وإذا بدخان قد غشاها من البئر وأحاطت بنا شهب انيران وخرج إلينا أصناف السنور قال عمرو: فولينا هاربين ونقرأ القرآن حين بعدنا عن البئر ثم سرنا حتى أشرفنا على المسلمين فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يبكي على أبي العاص وكان قد نزل عليه جبرئيل وأخبره بهلاكه وأمر أن يبعث إليه علي بن أبي طالب عليه السلام. قال عمرو: فناديت: عظم الله أجوركم في أبي العاص فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: والذي روحي بيده إن روح أبي العاص في حوصلة طير أخضر يرتع بها في رياض الجنة قال: فتمنينا أن نكون مكانه وكان الإمام علي عليه السلام قد تأخر عن العسكر في حاجة عرضت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما أقبل استقبله عمرو بن أمية الضيمري وقال له: عظم الله لك الأجر في أبي العاص قد حرقه عفريت من عفاريت بئر ذات العلم قال عمرو: فهملت عينا أمير المؤمنين عليه السلام بالدموع حتى نزل عن جواده وأقبل حتى نزل بجانب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هذا سلفك أبو العاص إسفي عليه التراب فقام له الإمام علي عليه السلام قد عطشت أكباد المسلمين مرني بالمسير إليه؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا أباالحسن سر إليه فإن الله حافظك وناصرك ولكن خذ معك القوم الذين كانوا مع أبي العاص ثم دفع إليه الرايه وقام إليه مشيعاَ ثم رفع يديه إلى السماء وأقبل يدعو الله ثم رجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسار الامام علي عليه السلام معه فلما بان عن المسلمين أخذ الراية ونشرها على رأسه ورؤوسنا ثم إن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنشأ يقول:-
حباني رسول الله منه براية ***** وأمرني أسعى إلى كل ذي كفر
أقاتـلهم حتى يقـروا بربـهم ***** إليهم المعـبود في السر والجهل
وإني علي وأبن عم محمد ***** نــبـي أتـى بالـديـن لله بالـنـصـر
قال عمرو: ثم أن الإمام عليه السلام سار وسرنا حتى أشرفنا على البئر ونزلنا حوله ونحن نقرأ القرآن فعند ذلك كبّر الإمام عليه السلام باعلى صوته وقال قد ((جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)) قال عمرو: فماجت الجن في البئر وإذا نحن بالعفريت الذي قتل أبا العاص قد طلع علينا في صورة ثم تقدم نحو الإمام عليه السلام وناداه: من أنت أيها النازل علينا القادم إلينا ولم تستأذن أحد؟ أما علمت أننه لا يطمع فينا طامع ولا يرتع حولنا راتع ثم أنشأ يقول:-
نحن جنود الجن والسعالي ***** من جند إبليس لنا المعالي
قال: فعند ذلك نادى الإمام عليه السلام أيها الشيطان المتعمد والجني المتمرد اقصر عن هذا الكلام فلست أنا كمن لاقيت من قبل أنا النور الذي لايطفى أنا صاحب الأهوال ومبيد الأبطال يوم النزال أنا هازم الكتائب أنا فاجع الجنائب أنا مظهر العجائب أنا علي بن أبي طالب ثم أن الإمام عليه السلام أنشأ يقول:-
يا أيها الكاذب في المقال ***** ارجـع خـزاك الله عـن قـتـــال
أنا علي كاشـف الأهوال ***** أنا ابن عم المصطفى المفضال
فلما سمع العفريت ذلك حمل على الإمامعليه السلام وأراد يفعل به مثل مافعل بابن العاص فقال: فالتفت به الإمام عليه السلام وزعق به الزعقة الهاشمية المعروفة عند الغضب فقلنا إنه صاعقه نزلت من السماء حتى جاوبته الأصوات من كل جانب فأذهله ثم بادره بسيفه ذي الفقار وضربه ضربة وجعله شطرين وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار ثم إن الإمام عليه السلام وقد قام العرق الهاشمي بين عينيه وقد ملىء غيضاَ وحنقاَ وإذا نحن هايل ودخان قد علا من البئر والنيران تطير علينا منه والإمام عليه السلام يقول ((كوني برداَ وسلاماَ كما كنت على إبراهيم برداَ وسلاماَ)) قال عمرو: فخرج جميع الأصناف بصور مختلفة وهي عدة كثيرة فنظر إلينا الإمام عليه السلام ونحن نرتعد من الخوف وخرج من باب البئر شهاب عظيم عال بالجو إلى عنان السماء وعلا الصراخ واشتد الصياح حتى لم يسمع أحد منا صاحبه وغشانا الدخان ولاندري من أين تلتقي النيران فينا فعزّمنا على الفرار من شدة مالحقنا فلم يدعنا الإمام عليه السلام فعند ذلك ناداهم أمير المؤمنين عليه السلام: (يامعشر الجن والشياطين أتطاولون عليّ باختلاف صوركم الله أمركم بهذا أم على الله تفترون عزّمت عليكم بـ (( الصافات صفا * والزاجرات زجرا * واتاليات ذكرا * إن إلهكم لواحد * رب السماوات والأرض ومابينهما ورب المشارق والمغارب * إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لايسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب * يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ولاتنفذون إلا بسلطان * يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * وبالطور وكتاب مسطور * في رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور * إن عذاب ربك لواقع * ماله من دافع)) عزّمت عليكم يامعشر الجن والشياطين بأسماء الله العظام وبـ((قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد)) وبـ((قل أعوذ برب الفلق * من شر ماخلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد )) وبـ((قل أعوذ برب الناس * من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور اناس * من الجنة والناس))) قال قيس بن سعد وعمرو بن أمية الضيمري: فما استتم كلامه عليه السلام حتى خمدت النيران وغاب الدخان فعندها تقدم الإمام عليه السلام ونحن خائفون ومعنا القرب حتى وصلنا ووقفنا قرب البئر ثم استدعى بالدلو فأخذه وأدلاه فلما صار في قرار البئر وإذا بالدلو قد انقطع ورمي خارج البئر فغضب الإمام عليه السلام ونادى: من منكم رمى الدلو فليبرز إليّ؟ قال: فخرج إليه الغفريت الذي قطع الدلو وهو يقول:-
جاء الهمام الممنع لعمركم مقطع ***** معود خوض اللقا غضنفر سميدع
قالك فلم يدعه الإمام عليه السلام يتم شعره دون أن هجم عليه وبادره بضربة فوقع مجدلا وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار ثم ان الإمام عليه السلام أخذ الدلو وأدلاه ثانيه وهو ينشد ويقول مصليا على طه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:-
أنا علي أنـزع الـبــطـين ***** أضرب هامات العدا بالسيف
إن تقطعوا الدلو لنا ثانيا ***** أضربـكم ضربا بغــير حيف
فأجابه عفريت من عفاريت البئر وهو يقول:-
ياصاحب القول الكذوب الأقطع ***** مالـك في مشـربـنا من مـطـمـع
امــض عـن البـئـر ولاتـصـدع ***** وخـل عـن هذا المـكان الأقـطـع
تأكـل الـطـير ووحـش الـبــلقع ***** من قبل أن تكفى صريع مصرع
فلما سمع الإمام عليه السلام كلام العفريت ردّ عليه مقاله وأنشأ يقول:-
ياصاحب الشعر اللعين الكاذب ***** سوف ترى من العذاب الواصب
إن كنـت لاتـعرفـني عنـد اللـقا ***** أنــــــــا عـلي هـازم الــكـتـائـب
إن رجـع الـدلـو إلـي خـالـيـا ***** أنـزل فـي الـبـئـر بـسيف واصب
ثم إن الإمام عليه السلام أرسل الدلو فلما أن وصل إلى الماء انقطع الدلو ورمي فقال عليه السلام يامعشر الجن والشياطين أيكم قطع الدلو في البئر فليبرز إليّ فلم يبرز إليه أحد فأخذ الإمام الدلو وألقاه ثالثة وإذا بغفريت من البئر يقول:-
ياصاحب الدلو العلي الشأن ***** والرجل المذكور من عدنان
إن أنت قد أدليت دلوا ثانيا ***** رميـت فـي الـبـئـر بلا تواني
فلما سمع الإمام عليه السلام كلامه قام عرق الغضب بين عينيه ونادى: يامعشر الجن والشياطين تخوفوني بالنزول إليكم فاشتدوا لقتالي واعتدوا لبرازي ثم ربط الرشا في وسطه وقال لأصحابه أدلوني إليهم؟ قال عمرو: فأقبلنا إليه وقلنا له: إن هذا البئر بعيد المدى واسع الفضاء قد ترى ماحل بنا من النيران منهم وعواصف الدخان ونحن خارج البئر فكيف يا أبا الحسن إذا صرت في قعره وأحاطت بك العفاريت يرمونك بشهب النيران قال: فعند ذلك قال عليه السلام لهم: بحق ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ما أنزلتموني إليهم؟ قال عمرو: فلما أقسم علينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علمنا أن نحن منعناه رمي نفسه إلى قرار البئر قال قيس بن سعد: فدنينا إلى أن صار في وسط البئر فإذا بالرشا قد قطع فرمى الإمام عليه السلام نفسه إلى قعر البئر وذو الفقار بيده مسلول وبيده درقة عمه حمزة. قال عمرو: فلما انقطع الحبل ضججنا بالبكاء والنحيب وأيقنا بالهلاك وقلنا: اللهم لاتفجع به قلوبنا ولاقلب نبيك قال: وإذا شهب النيران كأنه الكواكب إذا رجمت بها الشياطين وهي تختلف في قعر البئر من كل جانب ومكان فنادينا: ياأبا الحسن فلم يجبنا أحد فاشتد علينا ذلك فأخذنا بالبكاء والعويل وآيسنا من الإمام عليه السلام وبقينا زماناَ طويلاَ وعزّمنا على الإنصراف قالك فبينما نحن كذلك وإذا بزعقات الإمام عليه السلام كصواعق من السماء فطابت أنفسنا وفرحنا وإذا بقائل يقول: يابن أبي طالب أعطنا الأمان والذمام فقال: والله مالكم أمان ولا ذمام حتى تقولوا قولاَ مخلصاَ لاإله إلا الله محمد رسول الله وتعطوني العهود والمواثيق أن لاتمنعوا وارداَ ورد هذا البئر قال عمرو: فبقي الإمام عليه السلام في البئر وانقطع عنا خبره وكنا نركن إلى صوت فبقينا متحيرين لاندري مانصنع فأصغينا ولم نسمع صوته فبينما نحن كذلك وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر قليل وهو يبكي وينادي: يابن عماه فلم يزل كذلك حتى وقف على البئر فظننا أنه قد نزل عليه الوحي من الله تعالى بهلاك علي عليه السلام فجعلنا نقبل يديه وعن يمينه وعن شماه ولو أن ملكاَ من الملائكة الذين معه أراد هلاك الجن قبض أرواحهم في ساعه واحدة لأمكنهم ذلك ولكن أحببت أن يكون لابن عمك الذكر إلى يوم القيامة فنادى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا أبا الحسن فاجابه لبيك لبيك يارسول الله صلى الله عليك أبشر بالنصر ثم قلنا: ندلي عليك بعض الأرشية حتى تصعد فلم نشعر إلا وهو معنا قالك فعانقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضمه إلى صدره وقبل مابين عينيه ثم قال: أتحدثني أم أحدثك بماجرى عليك؟ فقال علي عليه السلام من فمك أحلى بأبي أنت وأمي. قال قيس بن سعد: سمعت بعض النفر الذين كانوا معه يقول: الساعة تبكي وتصيح والآن تضحك! وتريد أن تحدثه بما جرى عليه قال عمرو: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدثنا بما جرى على الإمام عليه السلام ومالاقاه من أعداء الله في البئر فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدقت يارسول الله قد كان ذلك قال: ومن جملة ماحدثنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن الإمام قتل منهم في البئر زهاء عشرين ألف عفريت وأسلمت على يديه أربعة وعشرون قبيلة من طوائفهم الذين بقوا إلى الآن ومن أطراف العجائب الذين يحدثون بها إلى آخر الزمان قال عمرو: وقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالنزول قريب البئر فسقوا مطاياهم وأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه واستراحوا حتى باتوا ليلتهم ثم ارتحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغد ورحل المسلمون إلى المدينة الطيبة وقد فتح الله بالنصر والضفر .