الرقص على دماء الشرفاء
طريقة غربية للتعبير عن مشاعر الفرح والسعادة ... بل هي طريقة فظيعة وبشعة تعبر عما بداخل كل كائن حي ...
كنت اقف على شرفة بيتي المطلة على حينا البسيط الجميل .. كنت احمل على كتفي وبين ضلوعي فلذة كبدي وحب حياتي طفلي الصغير ... كان يضحك تارة ويلمس شعري تارة اخرى ويضع اصابعه الصغيرة مازحا بفمي ويضحك .. وكلما تظهر غمازاته في خديه كلما طرت فرحاً به وكلما هتف قلبي له ولكل الدنيا : احبك ...... احبك ... احبك يا عمري ..
شعور لن يستطيع وصفه انسان شعور بالفرح والسعادة شعور ولا يفوقه في الدنيا اي شعور أو وصف .
فجأة ومن بين كل الفرحة العارمة التي تناولتها انا وطفلي الحبيب .. هوينا انا وهو على ارض الشرفة لم ادري في البداية ما حصل ولم ادرك ان الكارثة وقعت .. لكني استجعمت قواي وفتحت عيناي ونظرت ويا ليتني لم انظر .. الدماء تكسوني وتكسو المكان وطفلي فاغر فمه والدماء تسيل منه كالشلال .. صرخت ... صرخت .. صرخت حتى اهتزت جبال الدنيا من صراخي ..
حملت حب عمري وركضت .. ركضت كأن الدنيا تسٌحب مني .. ركضت كأن الحياة تصفعني مئة صفعة ... ركضت حتى وصلت الشارع العام والدماء تملأني وتملاء كل شوارع الدنيا وبيوتها وشرفاتها ... هلع الناس من المنظر واصابهم الخوف والوجوم .. اسودت كل الدنيا في وجهي ..
ركبت بسيارة احدهم .. لم اعي ولم ادرك اي وسيلة نقل اركب .. المهم انها ستوصلني إلى المستشفى .. وصلت ويا ليتني لم اصل .. وصلت ويا ليت الدنيا اخذتني قبل تلك اللحظة ...
امسك الطبيب بهلع طفلي وقام بفحصه ....
لا تلقي عليي بتلك النظرة .. ايها الطبيب أنا ام ارحمني رحم الله والديك ... لا تقل ما لا اطيق سماعه . .. لا تلفظ ما يقتلني ويقذفني إلى الحضيض ..
كان يضحك طفلي منذ قليل .. كان يلامس شعري وكأن ألم الدنيا بكل ما فيها تبخر بتلك اللحظة ..
اتقول لي أن ابني قتل بعيار ناري .. مات .. توفي ... لا تجروء حتى على قول ذلك ... انا احذرك ... أنا ما زلت احمله بين ضلوعي .... ما زالت يديه الصغيرة عالقة بخصلات شعري ..
ما زلت اسبح ببحر غمازاته .. مازات عيونه تحدثني ...
سأتكؤ عليه حين اكبر .. وسيشفيني حين امرض ... سأحمله مدى الحياة .. لن يخرج من قلبي ومن صدري ومن بين ضلوعي ..
ويلي يا طفلي ... ويلي يا حب عمري .. ويلي من الدنيا ومن كل ما فيها ...
هل فرحت يا من نجحت ؟؟ هل ملكت الدنيا ؟؟؟ هل عبرت عن سعادتك القصوى ؟؟؟
يا من رقصت بتلك الرصاصة سعيدا مغرورا على دماء طفلي ....يا من عبثت بضحكاته ولمساته ... يا من استهزأت باجمل طفولة ... بئسا لك ولنجاحك .. بئسا لكل شخص رقص على دماء الشرفاء ... بئسا لكل ناجح في هذه الحياة ... بئسا لكل من شرب من دماء طفلي.