تمهيد عن تاريخ الديانات في الهند وشرق آسيا
اشتهرت بلاد جنوب آسيا وشرقها وخاصة الهند بكثرة الديانات وتعددها حتى إنها لتعد بعشرات الآلاف، والمعروفة منها الآن كلها ديانات وثنية تقوم إما على الشرك أو الإلحاد، ما عدا الإسلام. حيث يوجد عدد كبير من المسلمين في الهند نسبتهم بما يزيد على 15% من مجموع السكان.
وقد عرفت تلك الديانات الوثنية منذ قرون كثيرة تزيد على ثلاثين قرناً من الآن، وهي في الجملة تمثل مذاهب في الحياة والأخلاق أكثر منها في عقائد.
وأكثرها لا ينطبق عليها مفهوم الديانة ولا العقيدة.
وسنتحدث بإيجاز عن إحدى ديانات شرق آسيا وهي البوذية، ومن خلال التمهيد لها سنتعرض للهندوسية (البرهمية والكنفوشيوسية).
وحيث تعتبر البوذية امتداداً طبيعياً –في غالب تعاليمها- للهندوسية (البرهمية) فمن الضروري أن نعرض بإيجاز للهندوسية: فالهندوسية هي أكبر الديانات الهندية الوثنية وأكثرها أتباعاً وسميت الهندوسية نسبة إلى بلاد الهند، وفي القرن الثامن قبل الميلاد أطلق عليها (البرهمية) نسبة إلى (براهما) الذي جدد الديانة الهندوسية وهو في زعمهم (إله).
(البرهمية)
عقائد الهندوسية
1- يعتقد الهندوس أن الله –تعالى الله وتقدس عما يفترون- له ثلاثة أقانيم، أي ثلاث حالات وهي:
أ- براهما موجد العالم.
ب-مشنو حافظ العالم.
ج- سيفا مهلك العالم.
2- يعتقدون أن هناك آلهة كثيرة أقل من الإله (المثلث) فالسماء لها إله والأرض لها إله، وكذلك الرعد والنار والصبح . . الخ.
3- لذلك فهم يعبدون كل ما يعجبهم، أو يحبونه، أو يخافونه من المخلوقات حولهم.
ولذلك تحظى البقرة عند الهندوس حتى الآن بالمكانة الأولى تقديساً وعبادة، فهم يحلبونها ويعبدونها.
4- ينكرون البعث واليوم الآخر، ويرون أنه لابد من الجزاء والحساب على الخير والشر لكن ذلك يكون في الحياة الدنيا.
5- يعتقدون بتناسخ الأرواح، وذلك بسبب إنكارهم للبعث، فهم يرون تناسخ الأرواح ليكون الجزاء على الروح إذا انتقلت بين الأجساد.
وأكثر أتباع الهندوسية في الهند، ويوجد لهم أقليات في الصين والتبت وكوريا، وسائر بلاد شرق آسيا
وتقوم الديانة البرهمية (الهندوسية) على النظام الطبقي فهي تقسم أتباعها إلى أربع طبقات.
الطبقية عند البراهمة
الأولى: البراهمة وهم مقدسون تجري فيهم الدماء الإلهية (بزعمهم) وهم رجال الدين، والجميع في خدمتهم.
الثانية: الكاستريا – وهم الجنود والذين يقدمون القرابين للبراهمة.
الثالثة: ويشا –بويسيه- وهم أصحاب الحرف كالتجارة والصناعة والزراعة.
الرابعة: شودرا –وهم خلقوا (بزعمهم) لخدمة الطوائف الثلاث الأولى.
البـوذيـة
البوذية ديانة وثنية هندية تنسب إلى رجل يلقب بـ(بوذا) أي العارف. واسمه (سذهاتا)
أصلها وسبب تسميتها
ولد من أسرة ثرية وذات سلطان، لكنه نزع إلى العزلة والزهد والتنسك لكن على غير هدى من وحي أو دين إلهي، مما جعله يبتدع مباديء وأخلاقاً وسلوكا، ويشكل نظاماً اجتماعياً ودينياً يميل إلى الإلحاد والوثنية. وكان ظهوره في القرن السادس قبل الميلاد
معتقدات البوذية وتعاليمها
1- مسألة الألوهية:
كان بوذا في أول دعوته لا يتكلم عن الألوهية ويتحاشى الخوض في أمور الغيب، ثم تحول إلى محاربة الاعتقاد بوجود الله، وصار ينادي بالإلحاد.
لكن بعد وفاة بوذا عبده البوذيون، وأقاموا له التماثيل والمعابد.
2- قانون الجزاء:
يعتقد البوذيون (والهندوس) أنه لابد من الجزاء على الأعمال خيراً أو شراً، لكنهم يرون ذلك إنما يحدث في الحياة الدنيا، لذلك فهم ينكرون البعث والجزاء بعد الموت (يوم القيامة)، وينكرون الجنة والنار بلا دليل ولا برهان وأنى لهم ذلك، ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن من أنكر البعث والجزاء والجنة والنار فهو كافر قال الله تعالى: "زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير". (النحل-17).
3- تناسخ الأرواح:
حين اعتقد البوذيون –وقبلهم الهندوس- بأنه لا بعث ولا جنة ولا نار وأنكروا (اليوم الآخر) اضطروا إلى القول بعقيدة تناسخ الأرواح، فهم يعتقدون أن من مات انتقلت روحه إلى حي جديد، فإذا مات الثاني انتقلت إلى ثالث وهكذا إلى ما لا نهاية. ثم هم يزعمون -بناءً على قانون الجزاء- أن هذه الروح- تلقى جزاءها على ما تعمله من خير أو شر (بالنعيم والشقاء) أثناء تنقلها من جسم إلى جسم. وهذا اعتقاد باطل ينافي ما ثبت في صحيح السنة من أن روح الإنسان بعد موته تنتقل إلى حياة البرزخ فإن كان صالحا عرجت إلى السماء طيبة طاهرة تتنعم بنعيم الله، وإن كان غير صالح أنزلت إلى أسفل xxxxين معذبة مهينة.
4- إلغاء نظام الطبقات:
البوذيون يحاربون نظام الطبقات الذي تقوم عليه الهندوسية (البرهمية) فهم يقولون بتساوي الناس في الحقوق والواجبات، وهذا ينافي شريعة الله وفطرته التي فطر الناس عليها قال تعالى: "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق". (التغابن-7).
5- التسول والبطالة:
من تعاليم البوذية أنها توصي أتباعها بالتخلي عن أموالهم وعقاراتهم وحرفهم، ومد اليد للآخرين بالتسول والاستجداء، فهم يعيشون على البطالة والكسل، وهذه تعاليم لا تستقيم معها الحياة ولا ترتقي بها الأمم، بخلاف الإسلام فإنه دين يأمر بالعمل والنشاط والقوة وينهى عن البطالة والكسل ويعاقب عليهما أحياناً
البوذية من أوسع الديانات الهندية الإلحادية انتشاراً –بعد الهندوسية- في الهند وخارجها، فلها أتباع في كوريا والصين واليابان، ونيبال وأندونيسيا والتبت وسيلان وجاوه ومنغوليا وسيام وكمبوديا وبورما وتايلاند وغيرها.
مَوَاطِنُـها
من كتاب: الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة، لفضيلة الشيخين: ناصر القفاري وناصر العقل