ادلة استعمال العسل من القران و السنة
من كتاب الله :
يقول تعالى في محكم كتابه :
( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِى مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِى مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( سورة النحل - الآية - 68 ، 69 )
إذاً (الْجِبَالِ) أولاً ثم (الشَّجَرِ) وأخيراً (مِمَّا يَعْرِشُونَ)، وهذا الترتيب مطابق لكمية الفائدة والشفاء في كل نوع من الأنواع . فأكثر أنواع العسل شفاءً هو العسل الجبلي .
ويؤكدون أن وراء سلوك النحل سراً عظيماً، وهذا ما أشار إليه القرآن بقوله تعالى: (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ( النحل: 69). فلو تأملنا عبارة ( فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا) نرى فيها إعجازاً واضحاً، حيث أمر الله تعالى النحلة أن تسلك طرقاً محددة أثناء حياتها وصناعتها للعسل، وذلَّل لها هذه الطرق، وسخر لها الوسائل التي تضمن لها سلوك طرق صحيحة.
ويقول العلماء إن النحلة تختار أقصر طريق لتحقيق هدفها، أي أنها تتفوق على الإنسان في اختيارها للطريق الصحيح، كل هذا ولا تملك إلا دماغاً بحجم "النقطة" فمَن الذي هداها وسخر لها بل وأمرها أن تقوم بهذا العمل، هل هي الطبيعة العمياء أم الله القادر على كل شيء؟
السنة النبوية المطهرة :
1- عن جابر - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله :
( إن كان في شئ من أدويتكم خير ففي شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو لذعة بنار توافق داء ، وما أحب أن أكتوي ) ( متفق عليه )
قال النووي : ( فهذا الحديث من بديع الطب عند أهله ، لأن الأمراض الامتلائية دموية ، أو صفراوية ، أو سوداوية ، أو بلغميه ، فإن كانت دموية فشفاؤها إخراج الدم ، وإن كانت من الثلاثة الباقية فشفاؤها بالإسهال بالمسهل اللائق لكل خلط منها ، فكأنه نبه صلى الله عليه وسلم بالعسل على المسهلات ، وبالحجامة على إخراج الدم بها ، وبالفصد ، ووضع العلق ، وغيرهما مما في معناها ، وذكر الكي لأنه يستعمل عند عدم نفع الأدوية المشروبة ونحوها ، فآخر الطب بالكي
وقوله ما أحب أن أكتوي ( إشارة إلى تأخير العلاج بالكي حتى يضطر إليه ، لما فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكي ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13 ، 14 ، 15 / 360 )
2- عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله :
( ثلاث إن كان في شئ شفاء فشرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية تصيب ألما ، وأنا أكره الكي ولا أحبه )
( صحيح الجامع 3026 )
قال المناوي : ( " ثلاث إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم أو شربة عسل أو كية تصيب ألما " أي تصادفه فتذهبه ( وأنا أكره الكي ولا أحبه ) فلا ينبغي أن يفعل إلا لضرورة ) ( فيض القدير - 3 / 298 )
3- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله :
( الشفاء في ثلاثة : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي )
( متفق عليه )
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال الخطابي : انتظم هذا الحديث على جملة ما يتداوى به الناس ، وذلك أن الحجم يستفرغ الدم وهو أعظم الأخلاط ، والحجم أنجحها شفاء عند هيجان الدم ، وأما العسل فهو مسهل للأخلاط البلغميه ، ويدخل في المعجونات ليحفظ على تلك الأدوية قواها ويخرجها من البدن ، وأما الكي فإنما يستعمل في الخلط الباغي الذي لا تنحسم مادته إلا به ، ولهذا وصفه النبي ثم نهى عنه ، وإنما كرهه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم ، ولهذا كانت العرب تقول في أمثالها :" آخر الدواء الكي " وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وغيره ، واكتوى غير واحد من الصحابة ) ( إتحاف القاري - 4 / 313 )
وقال - رحمه الله - : ( ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم الحصر في الثلاثة ، فإن حصرها قد يكون في غيرها وإنما نبه بها على أصول العلاج ) ( فتح الباري - 10 / 138 )
4- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – :
( أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم : فقال : إن أخي يشتكي من بطنه - وفي رواية استطلق بطنه - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اسقه عسلا " فذهب ثم رجع ، فقال : سقيته فلم يغن عنه شيئا - وفي لفظ فلم يزده إلا استطلاقا - مرتين أو ثلاثا ، كل ذلك يقول له : " اسقه عسلا " فقال له في الثالثة أو الرابعة : " صدق الله وكذب بطن أخيك " )
( متفق عليه )
قال العيني : ( قوله " وكذب بطن أخيك " إسناد الكذب إلى البطن مجاز لأن الكذب يختص بالأقوال فجعل بطن أخيه حيث لم ينجع فيه العسل كذبا لأن الله تعالى قال " فيه شفاء للناس " ويقال العرب تستعمل الكذب بمعنى الخطأ والفساد فتقول كذب سمعي أي زل ولم يدرك ما سمعه فكذب بطنه حيث ما صلح للشفاء فزل عن ذلك قوله " اسقه عسلا " هذا بعد الرابعة فسقاه فبرأ ) ( عمدة القاري - 21 / 234 )
إن استخدام عسل النحل الطبيعي شفاء لكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان بإذن الله تعالى ، وقد دلت على ذلك النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسوف أستعرض بعض النقولات للإمام ابن حجر وبعض الكتب العربية والأجنبية ، مثل كتاب ( النباتات الطبية ) للكاتبين( المهندس محمد الحسيني وصيدلانية تهاني المهدي ) وكتاب ( النباتات الطبية واستعمالاتها ) تأليف الدكتور محمد العودات ، والدكتور جورج لحام ) وكتاب ( نباتات العسل - النحل ومنتجاته - التداوي بالعسل ) للكاتب ( الآن سوري ) وكذلك كتاب ( العسل غذاء وعافية ) للكاتب جان لوي داريغول ) ، وهذه النقولات تبين بعض الخصائص الطبية لأنواع من العسل ، وسأقتصر على الأنواع الشائعة والمستعملة لدى كثير من الناس :
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( العسل يذكر ويؤنث وأسماؤه تزيد على المائة وفيه من المنافع ما لخصه الموافق البغدادي وغيره فقالوا يجلي الأوساخ التي في العروق والأمعاء ويدفع الفضلات ويغسل المعدة ويسخنها تسخينا معتدلا ويفتح أفواه العروق ويشد المعدة والكبد والكلى والمثانة وفيه تحليل للرطوبات أكلا وطلاء وتغذية وفيه حفظ للمعجونات وإذهاب لكيفية الأدوية المستكرهة وتنقية للكبد والصدر وإدرار البول والطمث وينفع للسعال الكائن من البلغم والأمزجة الباردة وإذا أضيف إليه الخل نفع أصحاب الصفراء ثم هو غذاء من الأغذية ودواء من الأدوية وشراب من الأشربة وحلو من الحلاوات وطلاء من الأطلية ومفرح من المفرحات ومن منافعه أنه إذا شرب حارا بدهن الورد نفع من نهش الحيوان وإذا شرب وحده بماء نفع من عضة الكلب " الكلب " وإذا جعل فيه اللحم الطري حفظ طراوته ثلاثة أشهر وكذا الخيار والقرع والباذنجان والليمون ونحو ذلك وإذا لطخ به البدن للقمل قتل القمل والصئبان وطول الشعر وحسنه ونعمه وإن اكتحل به جلا ظلمة البصر وإن استن به صقل الأسنان وحفظ صحتها وهو عجيب في حفظ جثة الموتى فلا يسرع إليها البلاء وهو مع ذلك مأمون الغائلة قليل المضرة ولم يكن يعول قدماء الأطباء في الأدوية المركبة إلا عليه ولا ذكر للسكر في أكثر كتبهم أصلا ) ( فتح الباري - 10 / 140 )
قال المناوي : ( ومنافع العسل لا تحصى حتى قال ابن القيم : ما خلق لنا شيء في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبا منه ، ولم يكن معول الأطباء إلا عليه ، وأكثر كتبهم لا يذكرون فيها السكر البتة )
( فيض القدير - 5 / 102 )
قال الشوكاني : ( وقد اختلف أهل العلم هل هذا الشفاء الذي جعله الله في العسل عام لكل داء أو خاص ببعض الأمراض ، ويدل على هذا أن العسل نكرة في سياق الإثبات فلا يكون عاماً ، وتنكيره إن أريد به التعظيم لا يدل إلا على أن فيه شفاء عظيماً لمرض أو أمراض ، لا لكل مرض ، فإن تنكير التعظيم لا يفيد العموم ، والظاهر المستفاد من التجربة ومن قوانين علم الطب ، أنه إذا استعمل منفرداً كان دواء لأمراض خاصة وإن خلط مع غيره كالمعاجين ونحوها كان مع ما خلط به دواء لكثير من الأمراض ) ( فتح القدير – 3 / 176 )