فتنة الكروية تشعل مصر.. الأمور تزداد تعقيداً والجماهير تعلن الحرب على اتحاد الكرة.. جمل تلخص الواقع الذى نعيشه بعد إعلان الجبلاية العقوبات بحق ناديى المصرى والأهلى على خلفية المجزرة التى شهدتها مباراة الناديين أول فبراير الماضى، وراح ضحيتها أكثر من 74 من مشجعى الأهلى.
وانتقد خبراء كرة القدم توقيت العقوبات، واعتبروها سببا فى إشعال الفتنة مرة أخرى بين الجماهير، واتفق الجميع على أن الاتحاد كان عليه إعلانها عقب الحادث بـ48 ساعة فقط، مؤكدين أن العقوبة الرياضية تختلف عن العقوبة الجنائية، وشدد الخبراء على ضرورة الاحتكام لصوت العقل لرأب الصدع الذى حدث بين جماهير الأهلى وبورسعيد والقضاء على الفتنة التى ربما تؤدى إلى كارثة أخرى.
أكد أسامة خليل، نجم الدراويش الأسبق، أن القرارات تعبر عن ضعف اتحاد الكرة الذى يدير المنظومة بعشوائية، وقال: «إن لجنة تسيير أعمال الجبلاية أدارت الأزمة بأسوب سيئ، وفشلت فى الوصول إلى قرار يرضى كل الأطراف، ويتناسب مع فجاعة الحدث مما تسبب فى تعقيد الأمور بشكل أكبر، ونخشى أن تتعدى المشكلة حدود بورسعيد لتصل إلى كل مدن القناة، وكان على اتحاد الكرة أن يصدر القرارات بعد الأحداث بـ48 ساعة، لكن التباطؤ منح الأطراف الفرصة لممارسة الضغوط والاعتراض عليها، وهو ما زاد من شدة العنف والتعصب بين الجماهير وحدوث معارك كلامية بعيدة عن أخلاقيات الرياضة. وأضاف خليل: توقيت إعلان العقوبة غير مناسب، ودليل على أن اتحاد الكرة غير قادر على المواجهة بعد اتخاذه القرارات، خصوصاً أن إعلان القرارات تزامن مع سفر الأهلى إلى أثيوبيا لملاقاة البن فى البطولة الأفريقية. كما حمل خليل بعض القنوات الفضائية مسؤولية شحن جماهير الناديين، لأن القضية كانت بمثابة وجبة دسمة للإعلام بعد توقف النشاط، وقد تسببت تلك الفضائيات فى زيادة الاحتقان لتتحول الأزمة من شأن كروى إلى معركة كرامة شعب. وشدد «خليل» على ضرورة الاستفادة من الأزمة لتكون نقطة انطلاقة لغربلة الوسط الرياضى من الشوائب، وأكد أن مصر فوق الجميع، كما ناشد حسن حمدى، رئيس النادى الأهلى، بمراجعة مواقفه مع الأندية لينهى أزمة الاحتقان بين ناديه وعدد من الأندية الأخرى، وختم «خليل» كلامه بالتأكيد على أن الشعب المصرى لن ينسى التضحيات التى قام بها شعب بورسعيد طوال التاريخ المعاصر.
فيما اتفق مصطفى يونس، كابتن الأهلى السابق، مع أسامة خليل على أن توقيت إعلان العقوبات غير مناسب، وكان من المفروض الإعلان عنها بعد الحادثة بـ48 ساعة لأن العقوبات الرياضية تختلف عن الجنائية، واعتبر العقوبات الصادرة بحق النادى المصرى مخففة وغير مناسبة لحجم الكارثة التى شهدها ملعب بورسعيد وراح ضحيتها 74 شهيداً من جماهير الأهلى.
وطالب «يونس» الجميع بالاحتكام لصوت العقل ومراعاة ظروف البلد وتجنب التعصب الأعمى الذى أصبح خلال السنوات الأخيرة بمثابة الدستور الذى تدار به الرياضة المصرية، وحمل «يونس» اتحاد الكرة مسؤولية زيادة الاحتقان بين الجماهير لضعف شخصيته أمام الأندية وتباطئه فى إصدار العقوبات على المخطئين، فضلاً عن فشله فى إعادة النشاط مرة أخرى وتسببه فى خراب بيوت الكثيرين ممن يعملون فى المجال الرياضى.
وقال طلعت يوسف، المدير الفنى السابق للنادى المصرى: يجب على طرفى الأزمة «الأهلى والمصرى» الالتزام بالعقوبات التى وقعت عليهما احتراما للدولة ولشعبها والقانون، وذلك للقضاء على أى فتنة قد تحدث بين أفراد الشعب المصرى، وأضاف: مهما كانت العقوبات فلن يرضى عنها جميع الأطراف، وستجد طرفاً يعترض عليها مهما كانت مكاسبة منها، ولذا يجب على المسؤولين عن الرياضة المصرية عدم التراجع عن العقوبة احتراما لسياسة الدولة وعلى المعترض أن يلجأ للمحكمة الرياضية الدولية، وهى من حقها أن تبرئ أو تدين أطراف الأزمة.
ووصف «يوسف» ما تقوم به بعض الجماهير البورسعيدية من احتجاجات فى الشوارع بالتهريج والبلطجة وعدم تحمل المسؤولية وكان يجب عليهم الاستسلام للعقوبة أو الاحتجاج عليها بالتظلم سواء لاتحاد الكرة أو الفيفا أو المحكمة الرياضية الدولية خصوصا أننا فى دولة محترمة.
وأكد جمال عبدالحميد، المدير الفنى للفريق الكروى الأول بنادى السكة الحديد، أن العقوبة الذى أصدرها اتحاد الكرة ضد المصرى لا تشفى قلوب أسر الشهداء، واعتبرها ضعيفة، وقد جامل فيها اتحاد الكرة النادى المصرى وقال: تأخر إصدار العقوبة جعلها تخرج من الإطار الرياضى إلى السياسى بعدما كانت القضية مادة دسمة فى برامج «التوك شو» بصفة يومية، ولو صدرت هذه العقوبات عقب الحادث مباشرة لما كانت بهذا الضعف، وما رأينا هذه الاحتجاجات من قبل أهل بورسعيد.
وأبدى «عبدالحميد» دهشته من العقوبة نفسها بتجميد المصرى موسمين يعود بعدها للدورى الممتاز، وقال: هل يعقل أن يعود فريق للممتاز رغم ابتعاده عن المسابقة لمدة موسمين؟ ولماذا لا يلعب فى دورى الدرجة الأولى حتى يشعر بحجم الكارثة التى ارتكبها جمهوره.
وتساءل المدير الفنى للسكة الجديد: هل لو كانت أندية المريخ أو الرباط والأنوار أو الجمارك هى التى تسببت فى المجزرة.. هل كان سيخرج أهل بورسعيد للاحتجاج على العقوبة. وطالب جماهير المصرى والبورسعيدية بتقبل العقوبة لأنها فى صالح فريقهم، وذلك من أجل استئناف النشاط، خصوصا أن المتضرر الأكبر من العقوبة هم أسر الشهداء.
فيما أكد حسن الشاذلى، نجم الترسانة الأسبق، صحة القرارات التى اتخذها اتحاد الكرة، خاصة أنها تتفق مع لوائح الفيفا واتحاد الكرة ولجنة الانضباط، كما أشاد بتوقيت صدور القرار، وقال «الشاذلى»: إن الفترة المقبلة ستشهد زيادة الاحتقان بين جماهير الأهلى واتحاد الكرة من جهة، وجماهير المصرى والأهلى من جهة أخرى.
وطالب «الشاذلى» الجميع بالالتزام بالقرار من أجل تصحيح مسار الكرة المصرية.
وأبدى إكرامى، حارس مرمى الأهلى الأسبق، استياءه من قرار عقوبة المصرى ووصفها بالهزيلة، ولا تليق بحجم الكارثة، وهاجم «إكرامى» أنور صالح المكلف بتسيير أعمال اتحاد الكرة قائلاً: من هو أنور صالح حتى يصدر قرارات مصرية فى كارثة تاريخية راح ضحيتها 74 شهيداً من جماهير الأهلى.
وأكد «إكرامى» أن القرارات مسيسة، وقال اتحاد الكرة تعرض لضغوط، وتعجب «إكرامى» من توقيع عقوبات على الأهلى باللعب أربع مباريات دون جمهور، فضلا عن إيقاف مانويل جوزيه وحسام غالى أربع مباريات، وقال كان يجب أن ننتظر حتى إجراء انتخابات اتحاد الكرة لضمان توقيع عقوبات عادلة على المصرى وكل مسؤول عن مجزرة بورسعيد.
وتوقع أن تكون لجماهير الأهلى ردود فعل عنيفة خلال الفترة المقبلة، اعتراضا على هزلية القرارات، خاصة أن أصدقاءهم فارقوا الحياة أمام أعينهم، ومن الصعب أن يتهاونوا فى حقوقهم، وأضاف: أخشى أن يصدر قرار من الفيفا بتخفيف العقوبات، ويتيح لفريق المصرى اللعب فى بطولة الدورى الممتاز الموسم المقبل، لأن ذلك سيؤدى إلى حدوث معارك دامية بين جماهير الناديين.
فيما أكد المهندس شريف حبيب، عضو مجلس إدارة نادى المقاولون العرب اعتراضه على توقيت إعلان العقوبة، خصوصا أن لجنة تسيير الأعمال بالجبلاية برئاسة أنور صالح كان حجتها فى تأخير إعلان العقوبة هو انتظار العقوبة الجنائية.
وأبدى «حبيب» اندهاشه من صدور العقوبة قبل إصدار المحكمة الجنائية حكمها مما يدل على العشوائية التى تدار بها كرة القدم المصرية.
وقال إن صدور قرار بتجميد المصرى فى هذا التوقيت من شأنه إثارة البلبلة وإشعال نار الفتنة، خصوصا بعد اعتراض طرفى الأزمة على العقوبة، واعتبارها غير مناسبة ومخالفتها للوائح الاتحاد الدولى. وقال إن القرار غير واضح فى تحديد المدة بموسمين، فى حين أن الموسم الحالى يعتبر قد انتهى نصفه تقريبا حالة استئناف نشاطه، بالإضافة إلى أن هذه العقوبة ستثير أزمة أخرى تتمثل فى شكل وعدد أندية الدورى عقب عودة المصرى من جديد.