بسم الله الرحمن الرحيم
مواجهة مايُسمّونه:
تحديث الإسلام
صرف طائفة ممن سمَّوهم ( الحداثيين ) كل طاقتهم وجهدهم لنقد الإسلام في أصوله العقدية والمرجعية، والعملِ على تسفيهها ونسفها، لبناء الحداثة على أنقاضها.
ولكن يبدو لنا:
۱- أن من يتصدّوْن لمن سمَّوهم ( الحداثيين ) لم يتعمقوا الشريعة ولم يتمكنوا في العربيّة،
فكيف يقدرون على التصدي لمن عششت في أذهانهم قاذورات ما يُسمّونه حضارة غربيّة متقدمة!! ( عفواً في الحضارة الغربية جوانب عظيمة، ولكن الحداثيين يتمسّكون بقشور هده الحضارة ).
۲ –أن علماء بلغوا رتبة العلم الحقيقية أو توهّم الناس أنهم علماء يشاركون هؤلاء ( الحداثيين ) في حربهم على الإسلام باسم الدفاع عنه، خاضعين أذلاء لمن في أيديهم الغلبة، أو طامعين بما في أيدي أرباب النعمة، أو مرضى.
شفاهم الله تعالى ونجّانا من أحابيلهم.
فهل أستطيع أن أعرض رأيي في أسلوب الحل؟
أولاً: الإحساس بضرورة البحث عن حلّ، وكل عمل لا ينبع من هذا الإحساس لن يصل بنا إلى النجاح المرجوّ.
ثانياً: لا أرى أن الحلّ سهل، فنحن أمّة - رغم ما نرى من ثقافة واطّلاع ووسائل تخاطب منتشرة كهذا ( الأنترنت )- بعيدون عن الحضارة، وسبقتنا أمم الغرب إلى علوم وقدرات صناعيّة لا يمكننا الوصول إليها في سنوات قليلة، ولكننا منبهرون بحضارة الغرب بعجرها وبجرها. اعذرني فهذا كلام مللنا سماعه، ولكني مضطر إليه لأبيّن أن الحلّ ليس سهلا، ولكن المؤمن الصادق في إيمانه يثق بالله فيعمل و يتوكّل ولا يتشاءم.
ثالثاً: قدّم الأزهر حلاً رائعاً قبل أربعين سنة، فأحدث كليات أخرى ترافق كليات الشريعة واللغة العربية، أحبّ أن يكون لدينا أطبّاء دعاة، ومهندسون دعاة.. أي أن يتلقَّوا العلوم الشرعية والعلوم العصرية معا، أي ألا يقتصروا في علومهم الشرعية على ثقافة يخطفونها كحطّابي ليل من الكتب والصحف.. بل يتابعون دراسة منهجيّة لها أصولها وبرامجها ومراحلها، والعمل ليس سهلاً، وإنّما إذا أردنا أن نكون أبناء العصر، فعلينا أن نبذل كل جهودنا، وكلكم تعلمون أنّ أهل الغرب يفعلون أكثر من هذا في مراكز أبحاثهم.
أقول هذا الكلام مثالاً نحتذيه لنتمكّن من الوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة التي تبتغي القضاء على الإسلام باسم الدفاع عنه وتجعله يواكب العصر ( أقول هذا الكلام وأنا على يقين بقوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون – الحجر ۹ - ، ولكن علينا نحن أن نعمل ).
اشترط الفقهاء على العالم المجتهد أوالمفتي أن يعلم بأحوال عصره، و أن يدرس المسألة دراسة علمية متأنية، ثُم يبيّن حكم الشرع.
إذا أردنا أن نواجه هذه الهجمة الشرسة فعلينا
أولا: التمكّن في علوم الشرع، وأن نحرص على الالتزام بمعاني القرآن الكريم بمقتضى اللغة العربية والنصوص الشرعية الأخرى، فلا نُغيّرها كما يفعل من يريدون أن يراعوا أحوال العصر!! والحديث الشريف: الالتزام بالأحاديث الصحيحة والتدقيق في صحتها، لاالأخذ بالحديث حين يوافقنا، وتناسيه حين يخالف وجهة نظرنا. المهم هناك تفصيلات كثيرة يتناساها كثيرون حين يجادلون، وقد يجهلونها.
ثانيا: أن نطّلع على الحضارة الغربية في المسائل التي نريذ التصذّيَ لها، أن ندرسها دراسة علمية دقيقة، أضرب مثالاً على هذا : حكم الشرع في فوائد المصارف، على عالم الشرع ( طبعاً لا أقصد هنا المثقف ثقافة شرعية ) أن يدرس نظام المصارف دراسة علمية في الفوائد ثم يبيّن حكم الشرع فيها.
هذا هو الترتيب: أولاً العلم الشرعي، ثم الاطلاع العلمي على مسائل العصر الحديثة التي ننتظر معرفة حكم الشرع فيها.
وقبل كل هذا التقوى الخالصة البعيدة عن المؤثرات الأخرى المختلفة الأشكال والألوان!!
وقبل أن أختم كلامي أريد أن أشير إلى مصير الفكرة الأزهرية التي ذكرها ال( دكتور ) محمد البهيّ في كتابه ( الفكر الإسلاميّ المعاصر وصلته بالاستعمار الغربيّ )، وأشار إلى أنّ هذا ما كان يتطلّع إليه الأزهر.
هذا كلام صحيح إن طُبّقت الفكرة كما خُطّط لها، ولكن جرى لها ما يجري عندنا للأفكارالراقية. قدرات الأزهر( أوقافه ) تقلّصت، جرى للأزهرما جرى لغيره من المراكز العلمية، أضرب على ذلك مثالاً: كنت أحاور خريجي الأزهـر ( الذين يعدّهم بعضهم من الطبقة القديمة المتخلّفة!!)، فأنتقد تعصّبهم، و تمسّكهم بأقوال الأئمّة رغم ظهور الخطأ، ولكني كنت ألمس العلم المكين في أقوالهم، وفي الثمانينات كنت ألتقي بخريجي الأزهر ودار العلوم الحديثين، وأرى هممهم الكبيرة في تحضير رسائل ( الماجستير والدكتوراه ) فلا يستطيع أحدهم أن يضع إصبعه على الفكرة التي طلبها الأستاذ المشرف في الصفحة التي حدّدها له من الكتاب المطلوب ( كان ذلك خطأ الأستاذ: لماذا لم يقل له: انقل السطر العاشر؟! ).
البحث طويل، ولا تتمكن صفحات قليلة أن تلمّ بأطرافه، ولكنّه جهذ المقلّ!
اللهم أرنا الحقّ حقّاً، وارزقنا اتباعه،