°¤§( عبدالله بن أُنيس الذي سيتخصر بعصا رسول الله )§¤°
هو عبد الله بن أُنيس بن أسعد بن حرام ، أبو يحيى الجهني
صحابي مشهور كبير القدر ، كان فيمن شهد العقبة ، وشهد أُحد
والخندق وما بعد ذلك .
°¤§( مؤامرة سفيان الهذلي )§¤°
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي
نزل بعرنة وما حولها في ناس من قومه وغيرهم فجمع الجموع لرسول
الله صلى الله عليه وسلم وطمعا في خيرات المدينة المنورة ..
وضوى إليه بشر كثير من أفناء الناس .
°¤§( سرية عبد الله بن أُنيس )§¤°
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس ، فبعثه سرية وحده
إليه ليقتله وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" انتسب إلى خزاعة "
فقال عبد الله بن أنيس رضي الله عنه :
يا رسول الله ما أعرفه فصفه لي .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إنك إذا رأيته هبته وفرقت منه وذكرت الشيطان "
قال عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه :
وكنت لا أهاب الرجال فقلت :
يا رسول الله ما فرقت من شيء قط .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بلى ، آية بينك وبينه أن تجد له قشعريرة إذا رأيته "
قال عبد الله بن أنيس رضي الله :
فأخذت سيفي لم أزد عليه وخرجت أعتزي إلى خزاعة ، فأخذت
على الطريق حتى انتهيت إلى قديد ، فأجد بها خزاعة كثيرا فعرضوا
علي الحملان والصحابة فلم أرد ذلك وخرجت حتى أتيت بطن سرف
ثم عدلت حتى خرجت على عرنة ، وجعلت أخبر من لقيت أني
أريد سفيان بن خالد لأكون معه حتى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي
ووراءه الأحابيش ومن استجلب وضوى إليه .
فلما رأيته هبته ، وعرفته بالنعت الذي نعت لي رسول الله صلى الله
عليه وسلم ورأيتني أقطر فقلت :
صدق الله ورسوله وقد دخلت في وقت العصر حين رأيته ، فصليت وأنا
أمشي أومئ إيماء برأسي ، فلما دنوت منه قال :
من الرجل ؟
فقلت : رجل من خزاعة ، سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك .
قال : أجل إني لفي الجمع له .
فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثي ، وأنشدته شعرا ، وقلت :
عجبا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث فارق الآباء وسفه أحلامهم .
قال : لم يلق محمد أحدا يشبهني .
قال وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض حتى انتهى إلى خبائه وتفرق
عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه وهم مطيفون به ..
فقال : هلم يا أخا خزاعة
فدنوت منه فقال لجاريته : احلبي
فحلبت ثم ناولتني ، فمصصت ثم دفعته إليه فعب كما يعب الجمل
حتى غاب أنفه في الرغوة ثم قال :اجلس .
فجلست معه حتى إذا هدأ الناس وناموا وهدأ اغتررته فقتلته وأخذت
رأسه ثم أقبلت وتركت نساءه يبكين عليه وكان النجاء مني حتى صعدت
في جبل فدخلت غارا .
وأقبل الطلب من الخيل والرجال توزع في كل وجه وأنا مختف في
غار الجبل وضربت العنكبوت على الغار وأقبل رجل ومعه إداوة ضخمة
ونعلاه في يده وكنت حافيا ، وكان أهم أمري عندي العطش كنت أذكر
تهامة وحرها ، فوضع إداوته ونعله وجلس يبول على باب الغار
ثم قال لأصحابه : ليس في الغار أحد .
فانصرفوا راجعين وخرجت إلى الإداوة فشربت منها وأخذت النعلين
فلبستهما ، فكنت أسير الليل وأتوارى النهار حتى جئت المدينة فوجدت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فلما رآني قال :
" أفلح الوجه "
قلت : أفلح وجهك يا رسول الله
فوضعت رأسه بين يديه و قلت : قتلته يا رسول الله ..
قال : " صدقت "
°¤§( هدية رسول الله لابن أُنيس )§¤°
قال عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه :
قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في بيته فأعطاني عصا
فقال : " أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس"
قال : فخرجت بها على الناس ، فقالوا :
ما هذه العصا ؟
قال .. قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمرني
أمسكها عندي ..
قالوا : أفلا ترجع إلى رسول الله فتسأله لم ذلك ؟
قال : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت
يا رسول الله ، لم أعطيتني هذه العصا ؟
قال :
" آية بيني وبينك يوم القيامة ، تخصر بهذه في الجنة ، فالمتخصرين
في الجنة قليل "
فقرنها عبدالله بن أنيس رضي الله عنه بسيفه ، فلم تزل معه حتى
إذا حضره الموت أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه .
°¤§( وفاته )§¤°
تأخر موته بالشام إلى سنة ثمانين على المشهور وقيل :
توفي سنة أربع وخمسين.