يها الأب ويا أيتها الأم: إن في الحرص على إقامة صلاة الأبناء في المسجد فوائد عظيمة منها:
1- براءة ذممكم أمام الله عز وجل والخروج من الإثم بعد تحبيبه للصلاة وأمره بها، قال ابن تيمية رحمه الله: ومن كان عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة، فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويعزر الكبير على ذلك تعزيرا بليغا لأنه عصى الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
2- احتساب أجر تعويده على العبادة قال صلى الله عليه وسلم : « من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا… » [رواه مسلم].
3- استشعار أن الابن في حفظ الله عز وجل ورعايته طوال ذلك اليوم قال صلى الله عليه وسلم : « من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله » . [رواه ابن ماجة].
4- خروج الابن إذا شب وكبر عن دائرة الكفار والمنافقين كما قال صلى الله عليه وسلم : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » [رواه أحمد]، وكما قال عليه الصلاة والسلام : « ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا » [رواه البخاري].
5- تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخرا بعد موتكما، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط الصلاح في الابن كما في الحديث : « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث » وذكر منها: « أو ولد صالح يدعو له » [رواه مسلم].
ومن الأسباب المعينة على ذلك:
1- أن تكون لهم أيها الأب قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها، فإذا بلغوا سبعا عقلوا شرع أمرهم بالصلاة والذهاب بهم إلى المسجد، فإن الصغير ينشأ على ما كان عوده أبوه.
2- تقديم أمر الآخرة على أمر الدنيا في كل شيء وتنشئة الصغار على ذلك وغرسه في نفوسهم، فلا تكن الامتحانات الدراسية أهم من الصلاة، ولا تكن المذاكرة أهم من الذهاب للمسجد، وليس من الفخر أن يكون ابنك مسؤولا كبيرا وهو من المنافقين الذين لا يشهدون الصلاة ، أو من الكفار الذين لا يصلون ويكفيك عز وفخرا أن يأكل من كسب يده، ويشهد جماعة المسلمين وإن جمع الأمرين فبها ونعمت.
3- الصبر والمصابرة { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } فالأمر فيه مشقة ونصب، وأبشر فإن الله عز وجل قال : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } [العنكبوت: 69].
4- توفير الأسباب المعينة على القيام، ومن ذلك عدم السهر وجعل ساعة منبهة عند الأذان أو قلبهن وليكونوا في مقدمة الصفوف.
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز السؤال التالي في الجزء (12) من فتاواه: بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونهم ويجلسون مكانهم ويحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم : « ليلني منكم أولو الأحلام والنهى » فهل هذا جائز؟
ج: "هذا يقوله بعض أهل العلم ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال، ولكن هذا القول فيه نظر، والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم، فإذا سبقوا إلى الصف الأول أو إلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم، لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك، لأن في تأخيرهم تنفيرا لهم من الصلاة، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.
لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب فإنه يصف الرجال أولا، ثم الصبيان ثانيا، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون، أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم فلا يجوز ذلك لما ذكرنا وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى » .
للمزيد من مواضيع صوت الاسلام تابعونا على الفيس بوك
للمزيد من مواضيع صوت الاسلام تابعونا على تويتر
فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم، لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا".
5- بث في أبناءك أحاديث الصلاة، وحكم تاركها وعقوبته في الدنيا والآخرة، ورغبهم في الأجر العظيم لمن حافظ عليها، ولا تقل إنهم صغار لا يعرفون فهم يدركون ويحفظون ويحتاجون إلى ذلك لتقوية عزائمهم.
6- إجعل لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة، وأذكر أن أحد الآباء كان يجعل لأبنائه الصغار ريالا كل يوم عن صلاة الفجر وكانت الثمرة المبكرة أن كان أحد هؤلاء الصغار من كبار الأئمة المعروفين. وأذكر أيضا امرأة أرملة وتحتها يتيم صغير فكانت تخرج به لصلاة الفجر كل يوم وأكرمها الله عز وجل بهذا الابن فحفظ كتاب الله عز وجل وهو أحد أئمة المساجد الآن ومن أبر الناس بأمه.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( حافظوا على أبنائكم في الصلاة، وعودوهم الخير، فإن الخبر عادة ) . رواه الطبراني.
7- الدعاء لهم في كل وقت واجعلهم أحيانا يسمعون دعاءك لهم بالصلاة والهداية والتوفيق والسداد ومن دعاء الأنبياء والصالحين { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء } [إبراهيم: 40].
8- اربطهم بصحبة طيبة ممن يحفظون القرآن ويحافظون على الصلاة مع الجماعة وشجع أولئك الصغار بالهدايا والحوافز فهم أبناء المسلمين.
9- ادع لهم عند إيقاظهم واتلو عليهم بعض الآيات والأحاديث { يا بني أقم الصلاة } [لقمان: 17] ودعهم يسمعون الأجر العظيم على لسان نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم : « بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة » [رواه أبو داود].
10- لترى منك والدتهم انك حريص على أمر صلاتهم وإيقاظهم، فإن ذلك يعينها على الاستمرار والحرص والتأكيد عليهم واشكر لها جهودها وشجعها على ذلك وهم يسمعون.
11- كما انك أيها الأب إذا أردت شراء منزل تفكر في قرب الخدمات من سكنك، فكر قبل ذلك بالمسجد ومدى قربه إلى منزلك، لأن في ذلك إعانة على الطاعة وتيسيرا لأمر الصلاة خاصة على الصغار مع مظنة حفظهم ومتابعتهم، إذا كانت المسافة قصيرة.
12- استشعر أن ابنك الذي تحب قد يكون حطبا لجهنم إذا لم يصل { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } .
13- ليكن بينك وبين إمام المسجد تعاون في تشجيع أطفالك من قبلك وتقديم الجوائز لهم لمحافظتهم على الصلاة- بما فيها صلاة الفجر-ولا يمنع أن يتحدث الإمام حاثا الآباء على إحضار أبنائهم للصلاة ثم يشكر الآباء الذين يحضرون أبناءهم، ويسمي الصغار بأسمائهم.
أيها الأب: يقول الله عز وجل { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } وأبشر وأمل فأنت في خير طريق { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }
أصلح الله أزواجنا وذرياتنا وجعلهم قرة أعين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.