بسم الله الرحمن الرحيم
تحدي القرآن ـ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
الصلاة الوسطى
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم القيامة.
يقول الله تبارك وتعالى في الآية 238 من سورة البقرة :
بسم الله الرحمن الرحيم { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }.
اختلف المفسرون في تحديد ما هية الصلاة الوسطى ولنأخذ بعض من هذه الآراء من امهات التفاسير ومن التفاسير الحديثة.
ورد فى تفسير جامع البيان في تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى:
إنها صلاة العصر وأورد كثير من الأراء التى تعزز هذا الرأى.
وجاء فى الجامع لأحكام القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى:
واختلف المفسرون في تعيين الصَّلاة الوسطىٰ على عشرة أقوال:
الأوّل ـ أنها الظهر؛ لأنها وسط النهار على الصحيح من القولين أن النهار أوّله من طلوع الفجر كما تقدّم، وإنما بدأنا بالظهر لأنها أوّل صلاة صُلِّيت في الإسلام. وممن قال إنها الوسطى زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدريّ وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم. ومما يدل على أنها وسطى ما قالته عائشة وحفصة حين أمْلَتَا: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى } « وصلاة العصر » بالواو. وروي أنها كانت أشق على المسلمين؛
الثاني ـ أنها العصر؛ لأن قبلها صلاتْي نهارٍ وبعدها صلاتْي ليلٍ. قال النحاس: وأجود من هذا الاحتجاجُ أن يكون إنما قيل لها وُسْطَىٰ لأنها بين صلاتين إحداهما أوّل ما فرض والأُخرىٰ الثانية مما فُرض. وممن قال إنها وسطى عليّ بن أبي طالب وٱبن عباس وٱبن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد الخدريّ، وهو ٱختيار أبي حنيفة وأصحابه، وقاله الشافعي وأكثر أهل الأثر، وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب وٱختاره ٱبن العربي في قَبَسِه وٱبن عطية في تفسيره وقال: وعلى هذا القول الجمهورُ من الناس وبه أقول.
الثالث ـ أنها المغرب؛ قاله قُبَيْصة بن أبي ذؤيب في جماعة. والحجَّة لهم أنها متوسطة في عدد الركعات ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تُقْصَر في السفر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخِّرها عن وقتها ولم يعجِّلها، وبعدها صلاتا جَهْرٍ وقبلها صلاتا سِرٍ. ورُوي من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يُحّطها عن مسافر ولا مقيم فتح الله بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار".
الرابع ـ أنها الصبح؛ لأن قبلها صلاتي ليل يُجهَر فيهما وبعدها صلاتي نهار يُسرّ فيهما؛
الخامس ـ صلاة الجمعة؛ لأنها خُصّت بالجمع لها والخطبة فيها وجُعِلَت عيداً؛
السادس ـ أنها الصبح والعصر معاً. قاله الشيخ أبو بكر الأبهرِيّ؛ وٱحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار " الحديث، رواه أبو هريرة. وروى جرير بن عبد الله.
السابع ـ أنها العتمة والصبح. قال أبو الدرداء رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه: ٱسمعوا وبلِّغوا من خلفكم حافظوا على هاتين الصَّلاتين ـ يعني في جماعة ـ العشاء والصبح،.
الثامن ـ أنها الصَّلوات الخمس بجملتها؛ قاله معاذ بن جبل؛.
التاسع ـ أنها غير معيَّنة؛ قاله نافع عن ٱبن عمر، وقاله الربيع بن خَيْثَم؛ فخبأها الله تعالىٰ في الصَّلوات كما خبأ ليلة القدر في رمضان، وكما خبأ ساعة يوم الجمعة وساعات الليل المستجاب فيها الدعاء؛.
العاشر ـ وهذا الاختلاف في الصَّلاة الوسطى يدل على بطلان من أثبت «وصلاة العصر» المذكور في حديث أبي يونس مولى عائشة حين أمرته أن يكتب لها مصحفاً قرآناً. قال علماؤنا: وإنما ذلك كالتفسير من النبيّ صلى الله عليه وسلم، يدل على ذلك حديث عمرو ابن رافع قال: أمرتني حفصة أن أكتب لها مصحفاً؛ الحديث. وفيه: فأملت عليّ { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ ـ وهي العصر ـ وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } وقالت: هكذا سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها. فقولها «وهي العصر» دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسَّر الصَّلاة الوسطىٰ من كلام الله تعالىٰ بقوله هو ( وهي العصر )
وجاء في الجلالين رحمهما الله :
{ حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ } الخمس بأدائها في أوقاتها { وَٰالصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَى } هي العصر أو الصبح أو الظهر أو غيرها أقوال وأفردها بالذكر لفضلها { وَقُومُواْ لِلَّهِ } في الصلاة { قَٰنِتِينَ } قيل مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم " كل قنوت في القرآن فهو طاعة " رواه أحمد وغيره، وقيل ساكتين لحديث زيد بن أرقم: " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام " رواه الشيخان.
وجاء فى تفاسير (خواطر) الشيخ الشعراوى رحمه الله:
( وما العلة هنا في تفرد الصلاة الوسطى بالخصوص؟ إن " وسطى " هي تأنيث " أوسط " ، والأوسط والوسطى هي الأمر بين شيئين على الاعتدال، أي أن الطرفين متساويان، ولا يكون الطرفان متساويين في العدد ـ وهي الصلوات الخمس ـ إلا إذا كانت الصلوات وتراً؛ أي مفردة؛ لأنها لو كان زوجية لما عرفنا الوسطى فيها، ومادام المقصود هو وسط الخمس، فهي الصلاة الثالثة التي يسبقها صلاتان ويعقبها صلاتان، هذا إن لاحظت العدد، باعتبار ترتيب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس.
فما دامت الصلاة الوسطى تصلح لأن تكون الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء فذلك أدعى للمحافظة على الصلوات جميعا. فإبهام الشيء إنما جاء لإشاعة بيانه. ولذلك أبهم الله ليلة القدر للعلة نفسها وللسبب نفسه، فبدل أن تكون ليلة قدر واحدة أصبحت ليال أقدار).
هذا ما جاء في أشهر كتب التفاسير ونلاحظ الاختلاف في تحديدها رغم استدلال بعضهم فى تحديدها بحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام واني أظن انه لو ثبت عندهم حديث صحيح عن الرسول الكريم ما اختلف فى تحديدها احد ولهذا فتح باب الاجتهاد فى تحديدها بين الأئمة العظام رحمهما الله تعالى .
من ما سبق نرى ان المفسرين يبحثوا عن الصلاة الوسطى بين الصلاة المفروضة رغم ان الصلاة المفروضة اوصى بها الله تبارك وتعالى ذكرت فى القرآن 68 مرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
{ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } (البقرة 3).
{ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ } (البقرة 43)
{ وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَٰوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } (البقرة 45).
وكذلك في هذه الآية محل التدبر{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ }(البقرة 238).
حتى في هذه الآية أوصانا الله تبارك تعالى على[ ٱلصَّلَٰوةِ ] وهى جمع صلاة وهى مجمل الصلاة المفروضة من أول صلاة الصبح إلى صلاة العشاء ويوصينا الله تبارك وتعالى على الصلاة الوسطى ونلاحظ حرف الواو[و] وهو للمغايرة اى أن الصلاة التي يوصينا الله تبارك وتعالى ليست من ضمن الصلوات التي كانت في أول الآية فهي صلاة مغايرة .
إذن ماهى الصلاة الوسطى؟
لنبحث في القرآن والسنة المشرفة عن صلاة أخرى غير المفروضة ومن هذه الآيات.
{ وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } (الفرقان 64)
{ وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً }( الإنسان 26).
{ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب } (العلق 19)
{ لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } (آل عمران 113)
جاء في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:
{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }(الزمر 9) وجاء في تفسير هذه الآية:
وعن ابن عباس: « آنَاءَ اللَّيْلِ » جوف الليل. قال ابن عباس: من أحبّ أن يهوّن الله عليه الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل وذكر الله تبارك وتعالى هذا فى الآية 20 من سورة المزمل : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ } . وكان رسول اله صلى الله عليه وسلم يرغب فى قيام الليل لمن استطاع .
وحديث عائشة الآخر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه ، فاصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته ... الحديث نحو حديث جابر وفيه ولكن خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها . ( رواه البخاري ومسلم ).
عن عمرو بن عبسة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله من أسلم معك قال حر وعبد قلت هل من ساعة أقرب إلى الله من أخرى قال نعم جوف الليل الأوسط * ( صحيح ) إلا الجملة الأخيرة منه ، وقد مضى بزيادة في متنه .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن يزيد ابن طلق عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن عبسة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى قال نعم جوف الليل الأوسط فصل ما بدا لك حتى يطلع الصبح )... ( صحيح ) _ إلا قوله : جوف الليل الأوسط فإنه منكر والصحيح : جوف الليل الآخر _ صحيح أبي داود 1158 وهو في صحيح ابن ماجه برقم 1034الحديث جاء فى سنن ابن ماجة.
حدثنا محمد بن أبي عمر العدني حدثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن عاصم ابن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألت عظيما وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ النار الماء وصلاة الرجل من جوف الليل ثم قرأ ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) حتى بلغ ( جزاء بما كانوا يعملون ) ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى فأخذ بلسانه فقال تكف عليك هذا قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم * ( صحيح ) _ الارواء 413 ، التعليق الرغيب 5/4 - 6 ، تخريج الإيمان لابن أبي شيبة 1 و 2 .
هذه بعض مما جاء في القرآن والسنة وكلها ترغيب في الصلاة في جوف الليل اى الصلاة بين صلاة العشاء وصلاة الصبح وهى تتوسط الصلاتين اى تتوسط بين الصلاة المفروضة لأنها تكون بين صلاة الأمس
(صلاة العشاء) وصلاة اليوم (صلاة الصبح) هذا غير التنفل وهى صلاة ركعتين قبل صلاة الفرض وركعتين بعده ماعدا صلاة العصر او كما هو مبين في كتب الفقه وتكون صلاة السنن سواء قبل وبعد الصلوات المفروضة أو في الثلث الأخير من الليل هي الصلاة الوسطى والله اعلى واعلم .