كتبه / حمد بن إبراهيم الحريقي
كيف لا نحبها وهي الصديقة بنت الصديق ، شريفة من أشرف نساء الأرض نسبًا وأعزهن حسبًا ، وأعلاهن مكانة وأكرمهن منزلة ؟كيف لا نحبها وهي زوج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها ؟كيف لا نحبها وقد تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر من الله تعالى عن طريق المنام ، فعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أريتك في المنام ثلاث ليالٍ . جاءني بك الملَك في سرقةٍ من حرير . فيقول هذه امرأتك ؟ فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي . فأقول : إن يك هذا من عند الله يمضه )) رواه مسلم ؟!كيف لا نحبها وهي البريئة المبرأة التي أعزها الله جل وعلا وبرأها من فوق سبع سموات ؟كيف لا نحبها وهي التي بلغها السلام من جبريل الأمين ، حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عائشة هذا جبريل يسلم عليك ، فقالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ؟كيف لا نحبها وقد كانت من أحب الناس إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فلازمته في حياته ودعوته حتى مماته بين سحرها ونحرها وامتزج ريقه بريقها ، فأي شرف هذا وأي فخر ؟ كيف لا نحبها وهي التي شهدت نزول الوحي ووعت العلم وحفظت السنة ونشرتها في حياة حافلة استمرت عشرات السنين ؟وكيف لا نحبها رضي الله عنها وأرضاها وهي عالمة الأمة ومعلمتها الأولى وأفقه نسائها على الإطلاق ، إذ روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفين ومئتين وعشرة أحاديث ، وقد نالت أعظم شهادات علمية في التاريخ أولها من سيد الخلق وخاتم النبيين ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال : (( كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )) البخاري ومسلم . وشهد لها بالعلم والفقه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلماء الأمة وفقهاؤها ، قال أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه : (ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها علما فيه )وقال عروة بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ: (ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها) . وقال عطاء بن أبي رباح : (كانت أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة)وقال عنها أبو عمر بن عبد البر : (( إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر ))ومهما تحدثنا وبحثنا في مناقب أم المؤمنين فلن نوفيها حقها ، وإن هذا الذي ذكرنا ما هو إلا غيض من فيض أترع إيمانًا وعلمًا ، وقطرة في بحر زاخر أدبًا وأخلاقًا ، ألا فخاب وخسر من سعى للنيل منها ، وهلك وهان من خاض في عرض نبي الأمة صلى الله عليه وسلم وزوجه رضي الله عنها وهي التي شرفها الله عزّ وجلّ بتبرئتها بشهادة علوية كريمة نزلت في قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار إلى يوم القيامة ، فمن ذا الذي يطعن فيها فيطعن في القرآن وفي الحبيب الذي جاء به وفي الروح الذي نزل به ؟ أما إنه قد افترى إثمًا كبيرًا وبهتانًا عظيمًا وكذب على نفسه وعلى الناس (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ))وإنني أشهد الله وملائكته والناس أجمعين بتسجيل هذا الحب الصادق لأمنا عائشة رضي الله عنها جمعنا الله بها في الآخرة مع نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـوتبًّا وسحقًا وبعدًا لمن تجرأ عليها بقليل أو كثير ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .
--
قال ابن القيم رحمه الله :
( و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و الدعوة إلى الله ، فاللذة بذلك أمر آخر لايناله الوصف ، و لايدركه من ليس له نصيب منه ، و كل من كان به أقوم كان نصيبه من الالتذاذ به أعظم ).