السـلام علــيـكـم و رحمـة الله تعـالى و بــركـاتـه
تمضي الأيـام .. لكن الذكرى تبقــى الماضــي مضـى .. و المضارع يمضي
لذلك فلنطـوي صفحـة الماضـي و لنبــدأ بصفحات بيضــاء جديــدة
و لنــجعل من من الذكريات الــوانا في كتابنا و لنــملئ صــفاحتنا البيــضاء بســطور ذهبية
تعــكس جمالها على منتــدانا هذا ..
الحمـد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستـغفره و نعـود بالله
مـن شـرور أنـفسنا و من سيـئات أعمالنا ..
من يـهده الله فلا مظل لـه و مـن يظـلل فلن تـجد له ولياً مرشدا ..
و أشـهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أن محــمداً عبده و رسـوله صــلى الله عليه و
سلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين ..
ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الـخـبــيـر ..
ربـنـا لا فــهم لـنا إلا ما فهــمتنا إنــك أنـت الجــواد الـكـريـم .
\
مَوْسُوعَة مَوَاقف السَّلف
في العقيدة والمنهج والتربية
لِمحمد عبد الرحمن المغراوي
كان حبنا لسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ولنهج السلف الصالحين الذي غمر قلوبنا وملأ أفئدتنا باعثا قويا وحافزا مؤثرا في خط الصفحات وكتب هذه المجلدات وقد يسر الله كتابة هذه الأسفار نصرة منا لله سبحانه ولرسوله ونصحا لأنفسنا ولإخواننا ولعموم المسلمين الذين أوجب الله علينا النصح لهم وإرشادهم لما فيه إصلاحهم في الحال والمآل وذلك بربطهم بمعتقد سلفهم الصالح رضوان الله عليهم ولأن الخلف البار الذي يحرص على طلب الحق وتصفية المعتقد والمنهاج والمواقف لا يجوز له بحال أن تنفك صلته عن السلف الصالح في معرفة سيرهم ومناقبهم ومواقفهم العقدية والمنهجية وهم قدوته في كل خير وعلى نهجهم يسير وبمواقفهم يقتدي وهم ولله الحمد عدد كبير بلغ في هذا السجل المبارك أزيد من ألف إمام على مدي عصور الإسلام ابتداء بعصر الصحــــــابة والتابعين والتابعين لهم بإحسان.
في هذا العدد نتناول مواقف أَبُو هُرَيرَة رَضِي الله عَنهُ وَ أَرضَاه!؟
أبو هريرة
أبو هريرة (1) (58 هـ)
الإمام الفقيه، المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو هريرة بن عامر الدوسي اليماني، سيد الحفاظ، الأثبات. اختلف في اسمه على أقوال جمة، أرجحها: عبدالرحمن بن صخر والمشهور عنه أنه كني بأولاد هرة برية، قال وجدتها فأخذتها في كمي فكنيت بذلك. حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علما كثيرا طيبا مباركا فيه، ولم يلحق في كثرته، وحمل عن أُبَيّ وأبي بكر وعمر وأسامة وعائشة وغيرهم. وحدث عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين. صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة أعوام. وقد جاع أبو هريرة واحتاج، ولزم المسجد، وقال رضي الله عنه: لقد رأيتني أصرع بين القبر والمنبر من الجوع، حتى يقولوا مجنون. وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث يحدثه:
" إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما أقول، فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته جمعتها إلى
__________
(1) الإصابة (7/425-445) والاستيعاب (4/1768-1772) وطبقات ابن سعد (2/362-364) والسير (2/578-632)والمستدرك (3/506) والحلية (1/376-385) والبداية والنهاية (8/103-115) ومجمع الزوائد (9/361-362) وشذرات الذهب (1/63-64) والمعرفة والتاريخ (1/476-491).
صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك من شيء" (1).
قال الذهبي: وأبو هريرة إليه المنتهى في حفظ ما سمعه من الرسول عليه السلام وأدائه بحروفه. وقد ولي أبو هريرة البحرين لعمر. توفي رضي الله عنه سنة ثمان وخمسين للهجرة.
موقفه من المبتدعة:
- جاء في الإبانة: عن نافع بن سرجس عن أبي هريرة قال: يا أيها الناس أظلتكم فتن كأنها قطع الليل المظلم أنجى الناس منها -أو قال فيها- صاحب شياه يأكل من غنمه أو رجل من وراء الدرب آخذ بعنان فرسه يأكل من سيفه. (2)
- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : توضئوا مما مست النار، ولو من ثور من أقط. فقال له ابن عباس: يا أبا هريرة: إنا لنتوضأ بالحميم وقد أغلي على النار، وإنا لندهن بالدهن وقد طبخ على النار، فقال أبو هريرة: يا ابن أخي: إذا سمعت بالحديث يحدث به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تضرب له الأمثال. (3)
- وعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا استيقظ
__________
(1) أحمد (2/240) والبخاري (4/361/2047) ومسلم (4/1939/2492) والترمذي (5/642/3834) بنحوه وقال: "هذا حديث حسن غريب".
(2) الإبانة (2/4/594-595/759).
(3) أحمد (2/427)و(1/366) من مسند ابن عباس. والترمذي (1/114-115/79) والنسائي (1/114/174) وابن ماجه (1/163/485) وأخرجه بدون ذكر القصة. ومسلم (1/272-273/352) وأبو داود (1/134/194). والحديث قد نسخ.
أحدكم من منامه فليفرغ على يديه من إنائه ثلاث مرات،فإنه لا يدري أين باتت يده (1). قال قين الأشجعي: فما يصنع بالمهراس، يا أبا هريرة؟ قال أبو هريرة: أعوذ بالله من شرك يا قين. (2)
" الغريب:
المهراس: هو حجر منقور مستطيل، عظيم كالحوض، يتوضأ منه الناس.(3)
__________
(1) أحمد (2/241) والبخاري (1/349/162) ومسلم (1/233/278) وأبو داود (1/76/103) والترمذي (1/36/24) والنسائي (1/107/161) وابن ماجه (1/138-139/393).
(2) أحمد في المسند (2/382) والهروي في ذم الكلام (2/238-239 طبعة الأنصاري) والبيهقي في السنن الكبرى (1/47) إلا أن في المسند والسنن الكبرى 'قيس الأشجعي' بدل 'قين الأشجعي' والصحيح ما هو مثبت. انظر الإصابة (5/567) وأسد الغابة (4/431).
(3) اللسان (6/248).
- وروى الدارمي بسنده إلى أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينما رجل يتبختر في بردين خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، فقال له فتى -قد سماه وهو في حلة- يا أبا هريرة أهكذا كان يمشي ذلك الفتى الذي خسف به؟ ثم ضرب بيده فعثر عثرة كاد يتكسر منها فقال أبو هريرة للمنخرين وللفم: إنا كفيناك المستهزئين. (1)
موقفه من المشركين:
روى الإمام مسلم: عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة، حتى يقولوا: هذا الله. فمن خلق الله؟ قال، فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب.فقالوا: يا أبا هريرة، هذا الله. فمن خلق الله؟ قال، فأخذ حصى بكفه فرماهم. ثم قال: قوموا، قوموا، صدق خليلي. (2)
موقفه من الجهمية:
- جاء في أصول الاعتقاد: عن سالم أبي النضر أن أبا هريرة كان يذكر: أنكم لن تروا ربكم حتى تذوقوا الموت. (3)
- وفيه: عن سعيد بن المسيب قال: رأيت أبا هريرة صلى على منفوس
__________
(1) رواه الدارمي (1/116) وفيه عبدالله بن صالح كاتب الليث صدوق كثير الخطأ. وأحمد (2/413) بقصة مشابهة، قال الشيخ أحمد شاكر 1/109): "إسناده صحيح". والمرفوع منه رواه أحمد (2/315،492) والبخاري (10/316/5789) ومسلم (3/1653-1654/2088).
(2) مسلم (1/121/135) وأبو داود (5/91-92/4721) وأحمد (2/387) وفي سند أحمد عمر بن أبي سلمة وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات. والمرفوع منه أخرجه البخاري 6/413/3276) من حديث أبي هريرة بلفظ آخر.
(3) أصول الاعتقاد (3/553/865).
لم يعمل خطيئة قط فقال: اللهم أعذه من عذاب القبر. (1)
موقفه من الخوارج:
جاء في المصنف لابن أبي شيبة عن عمير بن إسحاق قال: ذكروا الخوارج عند أبي هريرة قال: أولئك شرار الخلق. (2)
موقفه من المرجئة:
- عن عبدالله بن ربيعة الحضرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: ( الإيمان يزداد وينقص ). (3)
- وجاء في أصول الاعتقاد: عن أبي هريرة أنه قال: إذا أتى الرجل امرأة حراما فارقه الإيمان هكذا -ووضع إحدى يديه على الأخرى- ووصفها سويد بيديه ثم فرق بينهما قليلا ثم قال: يفارقه الإيمان هكذا فإذا رجع راجعه الإيمان، ورد إحداهما على الأخرى. (4)
- وعنه رضي الله عنه قال: الإيمان نزه فمن زنا فارقه الإيمان، فإن لام نفسه ورجع راجعه الإيمان. (5)
موقفه من القدرية:
__________
(1) أصول الاعتقاد (6/1210/2141) وعبد الرزاق (3/533/6110) والبيهقي (4/9-10).
(2) مصنف ابن أبي شيبة (7/553/37885).
(3) السنة (84) والإبانة (2/844/1127-1130) وأصول الاعتقاد (5/1016/1711) والشريعة (1/260/237).
(4) أصول الاعتقاد (6/1090/1869) والسنة لعبدالله (ص.98).
(5) أصول الاعتقاد (6/1090/1870) والشريعة (1/267/253) والسنة لعبدالله (101) والإيمان لابن أبي شيبة (16) وهو في المصنف (6/165/30368) والسنة للخلال (4/100/1259).
وفي السنة لعبد الله عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سيكون ناس يصدقون بقدر ويكذبون بقدر. قال موسى: فيلعنهم أبو هريرة عند قوله هذا. (1)
- وروى عبدالله بن الإمام أحمد بالسند إلى عمار مولى بني هاشم قال: سألت أبا هريرة عن القدر. فقال: أكتفي منه بآخر سورة الفتح.