فى يوم حافل بالمفاجآت السارة، قررت كإبنة بارة زيارة أمى الحنون؛ فى منطقة الزيتون، فهى رغم بُعد المسافة بينى وبينها؛ أتعلق بها إلى حد الجنون ...
كانت محطة سيدى جابر مكتظة بالركاب، على غير المعتاد، جذبنى المقعد الوحيد الخالى من مقاعد البوفيه، للجلوس عليه؛ فى انتظار قدوم القطار الذى سأركب فيه .....
طلبت فنجان قهوة أحبها كحب أمى لها، وقبل أن يأتى النادل بها، اكتشفت أن الجالس معى على المنضدة؛ رجل وقور، تظهر عليه ملامح الرضا والقبول، ويشع من وجهه نور الإيمان... رحت أطالع الجريدة دون اهتمام، فقلبى وعقلى مشغول؛ بنبع الأمومة والحنان
وضع النادل القهوة بحركات تمثيلية، يبغى من ورائها المزيد من النقدية والإكرام؛ وجدت موبايلى أمامى فوق المنضدة، فلم أتردد فى الاتصال بأمى؛ لتطمئن علىَّ وأطمئن عليها، قبل الوصول إليها بساعات
يا لوقاحة هذا الرجل الذى (ظننته موسى ....)، ما معنى تلك الابتسامة العريضة التى وجهها لى أنا بالذات؛ بعد المكالمة التى تكلمتها بلحظات؟!!
عزمت على ترك هذا المكان فى الحال؛ هروباً من تلك الابتسامة المريبة الغريبة؛ وساعدنى على تنفيذ القرار؛ قدوم القطار .....
وفى اللحظة التى مددت فيها يدى لأخذ موبايلى من فوق المنضدة؛ سمعت رنينه يأتى من داخل حقيبتى!