أنا الغراب الحاذق، لى من الذكاء والدهاء ما يجعلنى بقدرتى واثق... أقوم بالمخاطرة والاحتيال والمراوغة، ولى من الحذر وقت الخطر ما للثعالب والذئاب من نظر (وكله قدر)!
لونى كالليل البهيم، وسوادى فحيم، وصوتى غير رخيم، ففى صرختى نعيق تشيب له الولدان حتى أضحى مضرباً للأمثال (صوته كنعيق الغربان)... يخترق الهدوء بشكل معيب، لعل من يسمعنى يجيب
ورغم هذا الذى كان، فقد اختارنى الرحمن لأكون أحد المذكورين، فى القرآن الكريم، باعتبارى أول من علم الإنسان فى بداية نشأته، بعد أن قتل أخاه كيف يوارى سوءته
ونحن جماعة الغربان، نحقق بيننا العدل والأمان، ليسود الحب والوئام... فنتقى الإشطاط، ونقضى بالإقساط، ونرفض الظلم، ونهجر الجدل، نؤثر الإنصاف، وننزع الخلاف، ونسعى للمودة والائتلاف.... ونقيم أحكامنا فى الحقول الزراعية، للفصل بين المتنازعين بكل موضوعية، فإذا غراب قد جار، على طعام أغرُبٍ صغار ؛ تتجمع على الفور الغربان، وتقيم عليه الأحكام، التى أقلها نتف ريش الجبان، ليصبح عاجزا عن الطيران... وهذا جزاء المعتدين اللئام
وإذا غراب حدثته نفسه فى يوم من الأيام، بهدم عش أخيه الضعيف الغلبان، أو طمع في المكان الذى كان فيه يأوى وينام، يصدر قاضى الغربان حكماً وكأنه فرمان، ويقوم بتعنيفه وإيلامه، وبتغريمه وإلزامه بإصلاح العش، والتوقف عن الطمع والغش... فتعود الحياة من جديد، إلى عشها السعيد
وعند الغربان كما عند الإنسان جريمة الزنا حرام حرام فمن يعتدى على أنثى غراب، على نحو ليس فيه شك ولا ارتياب... نقوم بجلبه وإحضاره، وتجريسه وسط زملاءه وأقرانه، فينكس رأسه وجناحيه بكل انكسار وذلة، اعترافا بالذنب والعلة، فما تلبث المحكمة أن تطلق حكمها، على المعتدى الجبان، فينفذ حكم الإعدام، دون أن تولى بكاءه وصراخه أى اهتمام.... ثم تقوم جماعة الغربان بتمزيق جسمه إرباً إرباً بكل انتقام، ثم يحفرون مكاناً لجثة هذا الغراب، ويهيلون عليها التراب
تعليق:
هاهى الغربان، تعلم الإنسان، وتقيم عدل الرحمن فشكرا أيها الغراب الراوى، على هذه الحكاوى