لسبب بسيط جدا، وهو أن الميكروفون غير طويل جدا. هو طويل فقط وليس هناك زيادة ولا نقصان. أُوضِّح أكثر وأشهد شهادة الحق بأنني لن أبلغ إلا عما أرى: في هذه الصورة أرى وجهها في لقطة كبيرة أمام الميكروفون الطويل وعيناها تنظران بعيدا في الفراغ وفيهما شبق غريب. جفناها يبدوان متراخيين وشبه مطبقين في تعبير عن لذة لا تشعر بها إلا هيّ... لذة تريد أن تجعلها تطول إلى أبعد حد. يدها اليسرى تكاد تلامس الميكروفون. تكاد فقط! وكأنها بذلك تسعى إلى إثارة هيجانه وإشعال نيرانه. لكنه منتصب في شموخ ولا يحرك الساكن. لعل صوتها يثير في داخله الدفء ثم الحرارة، وهو الشيء الذي لا أستطيع أن أراه لكي أصفه... في يدها اليمنى تمسك أوراقا بيضاء ويبدو أنها تتلو تراتيلها على مسمع جمهور لامرئي توحي الصورة بأنه يوجد تحت منصتها... هي في الفوق والجمهور في التحت... لعلها تقرأ في حضرته شعرا أو قصة غير قصيرة جدا والله أعلم.
هي في حالة انتشاء... حَضْرة... نيرْڨانا... يبدو أنها تكاد تبلغ ذروة اللذة...
لعلها تمارس عادة علنية لا تتأتّى لها في غير هذا المكان ومن غير هذا الميكروفون الذي ظل محافظا على رباطة جأشه وبرودة دمه بشكل غريب رغم الاستفزاز البيِّن.
نقرتُ بفأرتي على خانة "الصفحة التالية"، ارتسمتْ على شاشة الكمبيوتر نفس الصورة مع فارق بسيط: عوض تلك المرأة كان هناك "رجل" يغازل الميكروفون بنرجسية يراها الأعمى. أُوضِّح أكثر وأشهد شهادة الحق بأنني لن أبلغ إلا عما أرى: في هذه الصورة أرى وجه "الرجل" في لقطة كبيرة أمام الميكروفون الطويل وعيناه تنظران بعيدا في الفراغ وفيهما شبق غريب ("يـتعصَّر" كلوطيٍّ مكبوث وعلى رأسه ـ كما هي الموضا ـ قبعةٌ "مايد إن تشاينا" (صنع في الصين) شبيه شكلها بدرَقة السلحفاة...) هو في حالة انتشاء... حَضْرة... نيرْڨانا... يكاد يبلغ ذروة اللذة...
يبدو أنه ـ كما هيَّ ـ يمارسان (من بين ما يمارسان) طُقساً ما... أمام جمهور ما... في موقعٍ ما... ما... ما... وما أدراني أنا؟ آشْ دّاني؟ وعْلاش مشيتْ؟...