مطمئن البال، كعادته يوميا وراء غنمه وحيدا في المروج الخضراء ...لكنه في تلك اللحظة مبهورا، يرى أمامه شابة في غاية من الحسن والجمال... تتقدم نحوه راسمة على محياها ابتسامة رقيقة. اندهش أمام دلك الجمال نسي كل شيء في الدنيا واقترب منها راكعا طالبا منها بأن تكون له زوجة. عاتبته على ركوعه أمامها وأنها تقبله زوجا ولما لا وهي تؤكد له انه أحسن الرجال، يكسب قوته من عرق جبينه.نهض ماسكا بيد الحسناء وكأنه في حلم.
اقترح عليها مرافقته إلى بيت صاحب الماشية من اجل طلبه، ياخد نصيبه من الماشية حسب الاتفاق ثم يبيعها ويقوم بعرس الزواج.نسي الراعي الغنم أمام جمال الحسناء الفاتنة.المرعى والأغنام توجد بجانب الغابة ،وفي الغابة ذئاب جائعة وراعي لم يعد يرعاها.
وصل إلى بيت مالك الغنم يطير من الفرح وفي يده يد الحسناء، يدق الباب ويخرج صاحب الغنم، فغر فاه من شدة الانبهار بجمال الحسناء كاد يسقط أرضا لولا مساعدة الراعي له.
أريد نصيبي في الغنم من اجل زواجي بها، مشيرا إلى الحسناء.
لم يسمع ما قال وتوجه بالقرب منها.
انأ صاحب المال، لن اقبل القسمة مع الراعي لكي لا يظفر بك واطلب يدك. - لكن قل لي كيف سيتم هدا الزواج وأنا مخطوبة للراعي..
لم يستسغ الراعي للأمر وطلب الاحتكام إلى القاضي ليفصل من له الحق في الزواج بالحسناء.
لم يعد صاحب المال يفكر في شيء، نسي الزوجة والأولاد مبهورا بجمال الحسناء.
توجه الجميع، الراعي ،وصاحب المال وكدلك الحسناء إلى منزل القاضي الحكيم، لا احد يكلم الأخر، خرج القاضي تلبية للنداء في زي أنيق كأنه طاووس يتمايل لإغراء الناظرين موجها رأسه إلى الأعلى مترفعا.
سيدي الحكيم أنا الراعي وهدا صاحب المال، وقع خلاف بيننا، قضيتنا حول الزواج من هده المرأة و أخد نصيبي من المال.
سيدي... الحكيم الرأي رأيك، ولهدا جئنا بين يديك لتحكم بيني وبين هدا الراعي.
يلفت الحكيم نظره اتجاه الحسناء ويشعر برعشة الإعجاب من بهائها المنقطع النظير ويرد بعد التأمل مليا في جمالها.
هدا الجمال الذي أمامي لا يستحقه احد منكما، بل يستحقه من يفصل بين الناس ويهابه الجميع ، ولا داعي لتذكيركم بالقوانين والأعراف، فادا كنت أنا الحكيم بين العامة والقاضي الذي يقصده الجميع فانا الوحيد القادر على تحمل مسؤولية الزواج بالحسناء.
اشتد العراك بين الرجال وتعالت الأصوات من اجل الاحتجاج على الحكم وفي الأخير تدخلت الحسناء لفض النزاع.
سكت الجميع أمام الحسناء، قدمت لهم جزيل الشكر على مدى اهتمامهم بجمالها وأكدت لهم أن دلك الحسن منة من الله تعالى، وطلبت منهم أن يصبروا حتى يتعرفوا عليها. قالت لهم :
اسمي الدنيا، جمالي هبة من الخالق سبحانه وتعالى، لتفادي الاصطدام بينكم لدي اقتراح ... ببساطة قوموا بسباق... اهرب أمامكم، الأول الذي يستطيع لمس جسدي أثناء الجري أصبح له زوجة.
اتفق الجميع على فكرة السباق، انطلقت الدنيا كالسهم و من ورائها المتنافسون، الراعي وصاحب المال والحاكم...
إلى يومنا هدا ما زالوا هكدا يجرون ورائها، كجل الناس يركضون للظفر بالدنيا، ويعلم الله متى سينتهي السباق...