حبيبتي بلعين، يا ما تجرحت قدماي وأنا أمشي إليك كي أحضر إبريق زيت زيتون طازة من إحدى العجائز لوالدي الشيخ خالد ضمرة، من بيت سيرا، وياما تقطعت حذاأي في الطريق وحملته تحت إبطي أو ربطتهما وعلقتهما على إحدي كتفي!، ويا ما حرصت على حذائي قبل تقطعهما، خلعتهما وانا أمشي امشي أمشي إلى قرية بلعين كي ألبسهما عند أطراف القرية، والجروح والخدوش تحز في قدمي، وربما يعلق بعض الشوك داخل جلد القدمين، مشيت لبلعين في الأربعينيات وفي العامين 1950 و 1951 على الأقدام ولم تكن تصلها السيارات، مشيت لها من قرية بيت سيرا على الطرق الوعرة والقاسية عبر الجبال كي أحضر لترين من زيت الزيتون النقي تطوعت به عجوز بلعينية وما أكثر المتطوعات من قرية بلعين في تلك المرحلة لشيخهن الذي كان يحرص على مداواتهن وكتابة الرقى والحجابات لهن، إنه طبيب القرية المجاني التطوعي المجاني، إنه والدي الشيخ خالد ضمرة من بيت سيرا، وأشجار الزيتون كانت نادرة في قريتنا بيت سيرا، رحم الله ايام زمان، وحمى الله قريتنا بلعين وأهل قريتنا، وياما أكلت البيض المسلوق والمفروك مع زيت الزيتون الطفاح في بلعين، وللأسف نسيت أسماء العائلات التي كانت تستقبلني او تطلب من الشيخ الكسيح خالد مسعود ضمرة أن يرسل ابنه لكي تكرمه عائلة ما تقرباً إلى الله وإلى الشيخ خالد طبيب العائلات والناس المحيطين بقرية بيت سيرا ايامها، لا أدري كم تبعد بلعين عن قرية بيت سيران وربما عشرة كيلومترات، لكنني كنت أشقى واكد واموت خوفاً في الطرق ومروراً في غابات الزيتون وغابات البطم والبلوط والسريس والغار المنتشرة في الجبال خلف قرية صفا، وكنت أحب أشجار الغار التي تنمو على جانبي وادي الملاقي،أحب التوقف عندها، وقطف أغصان منها أشم رائحتها وأفرك أوراقها بين أصابعي، وأضع جزءا منها الفه على رقبتي، أفعل كما قرأت في كتب التاريخ، أن الأبطال كانوا يمجدون بأكاليل الغار، رحم الله تلك الايام وهاقد بلغ غمري ال 76 سنة لكنني لم أنس ولن أنس ما عانيت وما استمتعت به من بيض وزيت وضيافة وتكريم في قرية بلعين الخالدة، لكم الله والحق معكم يا أهل بلعين الأبطال، يا رجال الثغور الشريفة العزيزة، قلوبنا معكم، اصمدوا اصمدوا واستمروا في كفاحكم وصمودكم وتماسككم وتوحدكم، تشبثوا بأرضكم وبمواقعكم، فأنتم في القلب والضمير والعينين، والنصر آت حتماً إن شاء الله وربما هو قريب
والله يرعاكم