كنت اميل الى اعطاء عنوان آخر لهذا المقال استعرته من قصة انجليزية وهي (المراة الكاملة) الا اني ارتأيت غير ذلك لغرض ما في نفسي، والقصة تتحدث عن شخص ورث الملايين من عمته المتوفاة، فخرج في ارض الله الواسعة سائحا باحثا عن المراة الكاملة، وكلما قابل واحدة لم تعجبه لانها اما سمينة جدا او ضعيفة جدا، هادئة جدا او صاخبة جدا، بيضاء كالثلج او سوداء كالفحم، وعندما وصل الى تايلند وجد المراة هناك لطيفة ومحبوبة الا انها قصيرة القامة وخجولة اكثر من اللازم، وفي بلدان اخرى اذا وجدها طباخة ماهرة فهي طويلة اللسان واذا كانت ذات جمال فهي عديمة الاخلاق وان كانت خلوقة فانها بلا جمال وهكذا دواليك و(على هالرنة وطحينك ناعم) كما يقول المثل. والقصة تنتهي بعثوره على النصف الآخر في بلده الاصلي لدى عودته اليها، حيث كانت هي الاخرى قد ورثت ثروة كبيرة من اهلها وخرجت تبحث عن الرجل الكامل، ونهاية القصة تنبئنا بانه اذا كان من حق الرجل الناقص ان يبحث عن المراة الكاملة فان من حق المراة الناقصة ايضا ان تبحث عن الرجل الكامل، ولن تلقاه لو افنت عمرها في البحث والعكس صحيح، وان كان لكل قاعدة شواذ، فانا احد هؤلاء الشواذ في هذه القاعدة (فقط) حيث اني حصلت على المراة الكاملة التي ساتحدث عنها، معلنا للملأ بما فيهم اخواننا الذين سبقونا بالايمان بانني قد حققت احد الاحلام المستحيلة مكذبا مقولة انه لا توجد امراة كاملة وان ندرت، وقد استفدت من تجارب الحياة انه ما من رجل لم يتأذى من النساء حتى الانبياء والخلفاء والرؤساء والحكماء والعلماء والفقهاء والاولياء، ولم تفلح جميع النصائح الذهبية التي تلقنها ام العروس ابنتها قبل وبعد الزفاف في تحسين الصورة القاتمة، لانها نفسها لم تلتزم بهذه النصائح وستقوم عروس اليوم وحماة الغد بتلقين ابنتها نفس النصائح التي لم تعمل بها يوما، وهكذا تذهب الجهود المبذولة للمصلحين وللمختصين في هذا المجال والبرامج الاذاعية والتلفزيونية الموجهة ادراج الرياح، وتكرارها اليومي يعكس عدم الالتزام بها. والظريف باني طوال السنين التي عشتها متنقلا في بلاد الله الواسعة التقيت شخصا واحدا فقط كان يقول بعدم وجود اي مشكلة بينه وبين زوجته فسالته عن السر فاخبرني ببساطة بانه لم يقل لزوجته (لا) ابدا، اذن فقول (نعم) في جميع الحالات الا التشهد هو اكسير مجرب للسعادة الدائمة بين الزوجين.
وكنت الى اليوم اتعجب من شكاوى الرجال الذين تعودوا على ابراز مساوئ المراة، على انها سليطة اللسان، ويتعوذ منها الشيطان، طويلة اليد، دائمة الجزر والمد، فتلك تنام الى الظهر وبعضهن حتى العصر، وهذه تهمل نفسها وتحن الى اهلها وتقسوا على اهل زوجها، كثيرة الطلبات، غزيرة الرغبات، ضخمة الجثة، متورمة اللثة، نهمة في الاكل، مقتصدة في البذل، اذا سارت خارت واذا قعدت اطالت واذا حكمت جارت واذا نظرت حسدت واذا تحركت آذت واذا تكلمت جرحت، تسبب الارق وتجلب النحس والقلق بسوء المنظر وسوء الخلق، اعوذ منها برب الفلق ومن شر جميع ما خلق.
هذا ما يقوله الرجال عن زوجاتهم واما انا وكما قلت فان الامر يختلف عندي، وقد حظيت بالمراة الخرافة فهي تجمع الدين والخلق والحسب والنسب والجمال والملكات المطلوبة الاخرى، فهي ذكية بلا مكر ولا دهاء ولا حيلة، حريصة على مالي، رؤوفة بحالي واحوالي، لمساتها حنان، همساتها جنان، تهتم بالعيال وشعارها الاعتدال، طبخها لذيذ ونظيف، اسلوبها مهذب وظريف، كلامها درر،عطائها غيث منهمر، صوتها خفيض، يبرئ العليل ويشفي المريض، لا تسهب اذا تكلمت ولا تسرف اذا انفقت، تغض اذا ابصرت وتخف اذا سارت، عينها بحر ازرق وجنتها تفاح احمر، خدها قرنفل اصفر، تهتم بالاناقة والرشاقة واللياقة، ملتزمة بالشريعة وتبغض القطيعة، تحب المطالعة، وتنأى عن الملاكمة والمصارعة، رحيمة بالاولاد ورؤوفة بالاحفاد، تشكر النعم و تصل الرحم، ولا اذكر طوال سنوات زواجنا ان حدث بيننا خلافات الا ثلاث مرات وهي كالتالي: فقد اختلفنا في المرة الاولى عندما اردت مساعدتها في الطبخ والكنس فرفضت رفضا قاطعا حيث وجهتني الى ضرورة الاهتمام بنفسي ومطالعتي اذ تعرف باني احب قراءة الكتب. وفي المرة الثانية طلبت منها ونحن في السوق ان تشتري عددا من الفساتين دفعة واحدة الا انها اصرت على شراء فستان واحد فقط، وانتهى الخلاف دون ان يؤدي الى القطيعة.
والاختلاف الثالث والاخير الذي كاد ان ينتهي بالطلاق حدث عندما اعطيتها مبلغا من المال لشراء قلادة ذهبية فرفضت واصرت على ان احتفظ بالمبلغ لشراء ساعة يدوية لي وهددت بترك البيت الى الابد ان لم افعل، فانتهى الخلاف ولم يحدث الطلاق لتدخل ابناء الحلال واصدقاء الاسرة.
وبقي ان اقول لكم اعزائي باني معروف بين اصدقائي بسعة الخيال كما اني اعاني من احلام اليقظة الى درجة المرض.
Share on facebook Share on favorites Share on google Share on twitter More Sharing Services
0