من الواضح أن اتهام الرئيس محمد مرسى بأنه مبارك الثانى صار من كلاسيكيات المرحلة السابقة، أمرسى مبارك؟ كلا أنه أكثر ديكتاتورية وأعمق تطرفا وأقوى استبدادا.
كان مبارك «مسكين» إذا ما قارناه بمرسى، فهو لم يسع إلا لتوريث «ابنه» الحكم، بينما مرسى بدأ منذ اليوم الأول لتوريث «جماعته» بأكملها، وكان مبارك مسكين أيضا لا يملك من الشعبية شيئا، بينما مرسى يملك من الأتباع ما يقدر بمئات الآلاف الذين بايعوه على الدم بعدما أقسموا بأغلظ الأيمان أن ينصروه ظالما ومظلوما، وكان مبارك لا يملك إلا وسائل الدعاية التقليدية المكشوفة من حلمة المباخر ومبتكرى الصور التعبيرية ومتفننى الحديث عن كرتونة البلح وطشة الملوخية، بينما يملك مرسى الآن كل وسائل الإعلام التقليدية والمبتكرة، فيهيمن على منابر المساجد التى لا تتورع عن رمى معارضيه بالفسوق والعدوان والعصيان، كما يملك مؤسسات الدولة الإعلامية بقذارتها المعهودة، ويملك العديد من وسائل الإعلام المستحدثة وصفحات الفيس بوك المتعددة التى تهلل له فى الذهاب والإياب.
تظهر صور الأفعال الصحفية الفاضحة فى ثوبها الجديد فى صحف ومجلات الحكومية، وللحق فقد كان زبانية مبارك أعمق موهبة فى التضليل وأكثر حنكة فى الخداع، أما أذيال مرسى الصحفية فهى الأقل موهبة والأضحل ثقافة، ونظرة واحدة على الصحف الرسمية ستؤكد لنا أن ما يمارسه من أفعال فاضحة تكاد تهتز له عرش السماء، فصحفية الأهرام العريقة لم تر فى صلاة العيد التى حضرها مرسى أى شيء غير تسبيح شيوخ الجماعة باسمه، وأفردت لهم صدر صفحاتها بعد أن جملت تصريحاتهم وزينتها وحذفت منها ما يستفز الرأى العام، ولأن السيد رئيس التحرير الذى تعود أن يسبح بحمد من ركب يعرف أن مرسى لا يملك من أمره شيئا وأنه دمية فى يد مرشده، أورد تصريحات المرشد مانشيتا رئيسيا فى صدر الصفحة الأولى، رغم أن المرشد لا يتمتع بأى صفة قانونية تؤهله لهذا الوضع، ناهيك عن مقال رئيس التحرير الأهرامى الفلولى بامتياز عن عبقرية مرسى الذى وصفه بأن العالم كله يهابه، معددا صفات مرسى مكيلا له المدح والثناء، متجاهلا دعوات المصلين على مرسى وهياجهم ضده قبل الصلاة وبعدها لما رأوه بأعينهم من تعنت أسطول حراسته معهم وحرمانهم من الصلاة بأمر سلامة الرئيس.
هكذا يصبح النفاق مباحا مادام يرتكب باسم الله والجماعة، وليس أفدح من تزلف الأهرام سوى زميلتها «أكتوبر» التى صورت مرسى باعتباره سوبر مان الذى سينطلق بالثورة، ولا أقذر من الاثنين سوى «الأخبار» التى أقصت كل الكتاب المعارضين للإخوان ومنعت مقالاتهم مثل الكاتبة الصحفية عبلة الروينى والكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد والكاتب الروائى يوسف القعيد، ولا أبشع من كل هذا سوى تهديد الصحفيين الدائم بالحبس إن لم يرضخوا للجماعة، بدليل تحقيق النيابة مع عبدالحليم قنديل وعادل حمودة، ما يؤكد أن قرارات مرسى ومجلس شورته وتغييراته الصحفية لم تكن إلا لإتمام تلك الدعارة، وما حدث فى الصحافة يحدث الآن فى بقية مؤسسات الدولة، غير أن جرائم الصحافة أوضح لالتصاقها بالجمهور ومخاطبتها الدائمة له، وإنى أتوجه الآن إلى أصدقائى الذى ناصروا مرسى وأيدوه وفرحوا به بالسؤال: ما رأيكم فى مسرحية أرض النفاق الجديدة؟ لن أخونكم، ولن ألقيكم بالاتهامات التى لم تتورعوا عن إلقائها فى وجه كل من تحفظ على قرارات مرسى وانتظر حتى تظهر أغراضها الحقيقية، لكنى فقط أدعوكم للنظر فيما يجرى على الساحة الإعلامية الرسمية لتدركوا أنكم بصياحكم وهجومكم هيأتم الأجواء لترتكب الجماعة أفعالها الحرام.