نبّوات كثيرة في العهد القديم تحدثت عن مكان ، وصفات ، وأسم ، وأضطهاد وصلب الرب يسوع وقيامته . لكن هناك نبَّوة عجيبة ودقيقة تتحدث عن زمان مجىء الرب ، ونفس الآية توضح طريقة موته ، وتتدرج الى خراب الهيكل وتدمير أورشليم بعد الصلب ، كما تسمي المسيح ب ( أبن الأنسان ) كما كان المسيح يسمي نفسه . كذلك تذكر الآية بأن المسيح هو الرئيس ، وهو قدوس القدوسين . هذه الآية وردت في سفر دانيال النبي " 9: 24-27" . (ان سبعين أسبوعاً حُدّدَت على شعبكَ وعلى مدينة قدسكَ لافناءِ المعصية وازالة الخطيئة ، والتكفيرِ عن الأثم ، والاتيان بالبر الأبدي وختم الرؤيا والنبوءَة ، ومسح قدوس القدّوسين ، فأعلم وافهم انه مِن صدور الأمر باعادة بناء أورشليم الى رئيس مسيح سبعةُ أَسابيع ، ثمَّ في اثنين وستين أسبوعاً تعود وتبنى السوق والسور ، ولكن في ضيق الأوقات . وبعدَ الأسابيع الأثنينِ والستين ، يُفصَلُ ( يقطع ) مسيح ولا يكون له ... ويأتي رئيس فيُدَمرالمدينة والقدس . بالطوفان تكون نهايتها ، والى النهايةِ يَكونُ ما قضي َ مِنَ القتال والتخريب . وفي أسبوع ٍواحدٍ يقطع مع كثيرين عهداً ثابتاً ، وفي نصف الأسبوعِ يبطل الذبيحةَ والتقدمَة . وفي جناحِ الهيكل ِ تكونُ شَناعةُ الخَرابِ ، الى أن ينصبَّ الافناء ُ على المُخَرِّب ) . وضَحَت نبوَّة دانيال التي كُتِبَت قبل التجسد بخمسمائة سنة تفاصيل كثيرة وعجيبة ودقيقة حيث ذكرت أسم المسيح الصريح . وكذلك عن موعد ملء الزمان لمجىء الرب وصلبه وموته ، وبموته يتم زمن أبطال الذبائح الحيوانية. كما أشارت النبوَّة الى تخريب مدينة أورشليم وهيكل سليمان الى الأبد . يجب أن يهدم الهيكل لكي يقيمه الرب بقيامته بعد موته بثلاثة أيام كما وعَد ( هيكل جسده ) .
الأسابيع التي ذكرها دانيال هي سنين ، فعندما قال سبعون أسبوعاً كان يقصد 70 في 7 يساوي 490 سنة لأن الأسبوع يساوي سبع سنين قضى بها على بني أسرائيل ومدينتهم المقدسة بسبب معصيتهم وأثمهم وخطاياهم وعدم أيمانهم بالمسيح .
أما تفاصيل النبوَّة فهي : منذ خروج الأمر لتجديد أورشليم وبناءها الى مجىء المسيح سبعة أسابيع وأثنان وستون أسبوعاً ، فيصبح المجموع 69 أسبوعاً أي 9 في سبعة فيكون الحاصل 483 سنة ، بدأت من سنة 445 ق. م أي السنة التي خرج فيها الأمر من ملك بابل أرتحشتا لتجديد وترميم أورشليم ، وأنتهت في السنة التي صلب فيها الرب .
السبعون أسبوعاً تنقسم الى مجموعات :
الأولى : سبعة أسابيع أي 7 في 7 يساوي 49 خلالها تم ترميم وبناء مدينة أورشليم ، حيث أمر البناء صدر في نيسان في السنة العشرين لأرتحشتا الملك عام 445 ق.م . وهذه أنتهت بعام 396 ق.م .
الثانية : أثنان وستون أسبوعاً أي 434 سنة بدأت من عام 396 ق. م وأنتهت بالسنة التي صلب فيها الرب . حصل في هذه الفترة وحسب النبوَّة أمرين هما :
1- أكتمال معصية شعب أسرائيل بصلبهم للمسيح ورفضهم له وقتله .
2 - بصلب المسيح المعبر عنه في الآية ( يقطع المسيح ) ومن ثم تبطيل الذبائح الموسوية التي كان الله يقبلها من الناس بصفة مؤقتة الى زمن تقديم ذبيحة المسيح الكاملة حيث الفداء الختامي .
الثالثة : قُتِلَ المسيح بدون ذنب أقترفه ولكن بسبب خطايا العالم ، فتقول الآية " وبعد أثنين وستين أسبوعاً يقطع المسيح وليس له " أي ليس له خطيئة . لأن الذبيحة يجب أن تكون كاملة بلا عيب .
الرابعة : خراب أورشليم والهيكل كما تقول الآية ( ويأتي رئيس فيدمر المدينة والقدس ) الرئيس هو القائد الروماني تيطس سنة 70 م ، تم ذلك حرفياً لكي تتم نبوَّة المسيح في "مت 24 : 2" ( ... لن يترك هنا حجر على حجر ، بل ينقض كله ) . كذلك ذكر يسوع نبوَّة دانيال في " مت 15:24 " . كما أنذر الرب أورشليم بقوله ( أورشليم أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها ، كم مرة أردت أن أَجمَعَ أَبنائَكِ ، كم تجمعُ الدجاجةُ فراخها تَحتَ جَناحيها ! فلَم تُريدوا . هوذا بيتكم يُترَك لَكُم قفراً . ) " مت 23: 37-38" .
تسعة وستونَ أسبوعاً أنتهت بصلب يسوع على الصليب فبطلت الذبائح اليهودية عندما أنشق حجاب الهيكل فتمت المصالحة بين السماء والأرض وقت موت الذبيحة الألهية وهذا يشير الى أنتهاء الرموز والعبادة اليهودية وحذر اليهود من تقديم الذبائح الحيوانية في نبوَّة أشعياء النبي القائلة " 3:66 " ( من يذبح ثوراً فهو قاتل أنسان . من يذبح شاة فهو ناحر كلب . من يصعد تقدمة يصعد دم خنزير ...) .
المفسرون يرون أن تلك الأسابيع تأتي بنا الى عام 26 - 27 ميلادية أي الى الزمن الذي بدأ فيه المسيح بالتبشير في السنوات الثلاثة الأخيرة والتي تصل الى الصليب وقطع المسيح متمماً كفارة الأثم وآتياً بالخلاص الأبدي لمن يؤمن به .