محمد الدسوقى رشدى
دموع تماسيح السلطة
كان علم مصر لا يسر الناظرين، الكل يهرب بعيونه بعيداً عن ذلك المشهد الذى تتجمع فيه تلك الأجساد الطاهرة التى لفوها فى علم مصر وكأن مصر تقدمهم هدية للموت..
علم مصر الذى ملأ مسجد آل رشدان بالأمس كان لا يسر الناظرين، كان يذكرنا بوجع ويضغط على جرح الإهانة والغدر الذى حفره المتطرفون حينما انتهكوا حرمة الشهر الكريم واعتدوا على جنود حرس الحدود وقت تناولهم الإفطار..
علم مصر الذى لف جثامين الشهداء كان لا يسر الناظرين فى ظل غياب رئيس الجمهورية والمشير ورئيس الوزراء عن صلاة الجنازة دون تقديم أى أسباب أو دوافع تبرر تمنعهم عن نيل هذا الشرف، مثلما فشلوا من قبل فى توفير الحماية الكاملة لهؤلاء الشهداء، واكتفوا بإطلاق تصريحات وردية حماسية عن حل لغز الجريمة البشعة فى 24 ساعة والثأر لشهداء الوطن فى أقل وقت ممكن.
لم يقدم لنا محمد مرسى حتى الآن أى جديد من ردود الفعل، سار الرجل على نهج النظام السابق، صمت ثم ارتباك ثم تصريحات عنترية، ووعود بالثأر ثم اختفاء وظهور فرقة المبرراتية، لم يطلب الرئيس من حماس أن توضح موقفها من الحادث ومن قذائف الهاون التى كانت تغطى منفذى العملية أثناء إطلاقهم للنار على حنود مصر، ولم نضطبه متلبساً بتعنيف أجهزة المخابرات أو القوات المسلحة بسبب الحادث، ولم نشاهده وهو يطالب بتحقيق فورى فى جريمة التليفزيون الرسمى للدولة الذى ظل يذيع أغانى ومسلسلات راقصة، بينما كان العالم كله يتابع فاجعة سيناء، لم يفعل الرئيس أى شىء من هذا، ولم يقدم لنا سوى وعد من القصر الرئاسى برد قاسى على منفذى العملية الإرهابية الغادرة فى خلال 24 ساعة ومرت الساعات ولم يرد الرئيس، ولذلك لا شىء هنا يمكن تحليله أو تفسيره ولا شىء يمكن التعليق به على الرئيس الذى يعد دوما بما لا يستطيع أن ينفذ ورئيس الحكومة الذى بدأ فترة ولايته بكذبة قال فيها أن المصريين سيسمعون أخباراً مفرحة عن الحادث بعد 24 ساعة ومرت الساعات ولم يفرحنا سيادته.. لا شىء يمكن التعليق به على كل هذا العبث والتمثيل سوى الكثير من الحسبنة.. الكثير من «حسبى الله ونعم الوكيل»..
حسبى الله ونعم الوكيل فى المجلس العسكرى، وحسبى الله ونعم الوكيل فى محمد مرسى الذى يعد دوما بما لا طاقة له به، والذى ظهر بالأمس فى صور استقباله لرئيس الوزراء الليبى ضاحكا مبتسمها مقهقها غير مبال بمشاعر أهالى الشهداء وحالة الحداد التى نعيشها، حسبى الله ونعم الوكيل فى وزير الإعلام الجديد الذى فشل فى أول اختبار فشل مخجل، وحسبى الله ونعم الوكيل فى القيادات السياسية التى سعت لاستغلال دماء الشهداء سياسيا، وحسبى الله ونعم الوكيل فى كل شخص شارك بالتعاطف، أو بالتواطؤ، أو بالصمت فى الارتباك الذى نعيشه، وحسبى الله ونعم الوكيل فى كل من ضرب طلقة نار فى صدر مصرى، حسبى الله ونعم الوكيل فى كل من جلس على الكيبورد وكتب معلومة خطأ، وحسبى الله ونعم الوكيل فى كل متطرف ومتعصب يرى أن هذا الوطن ملك له بمفرده.